قال الله تعالى: ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى))[النازعات:40-41 إن من أصعب أنواع الجهاد وأشقها على العبد أن يخضع نفسه لطاعة الله جل جلاله،ويبعدها عن الشهوات المحرمة، فهذا الجهاد دائم ومستمر مع العبد،لا ينفك عنه ما دام أن نفسه بين جنبيه،قال صلى الله عليه وسلم:”الْمُجَاهِدُ من جَاهَدَ نَفْسَهُ في طَاعَةِ اللَّهِ عز وجل”.رواه الإمام أحمد في المسند. وجهاد النفس يكون بمحاسبتها ومخالفتها وقد ذهب بعض علماء السلف إلى أن مجاهدة النفس تكون على أربع مراتب : أولها:حمل النفس على تعلم أمور دينها. ثانيها:حملها على العمل بذلك. ثالثها:حملها على تعليم من لايعلم. رابعها:دعوة الناس إلى توحيد الله. وجهاد النفس مقدم على غيره من أنواع الجهاد،لأن الإنسان إذا لم يجاهد نفسه،فلن يستطيع أن يجاهد غيره،،والمسلم وهو يجاهد نفسه لابد له من عدة يتسلح بها،وأقوى الأسلحة التي يستخدمهاالمسلم في مجاهدة النفس سلاح الصبر،فمن صبر على جهاد نفسه وهواه وشيطانه غلبهم وجُعل له النصر والغلبة،ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة نفسه صار عبدًاأسيراً ذليلا في يد شيطانه وهواه.. ويشمل جهاد النفس مجاهدتها في فعل الخيرات والقربات ،واجتناب المحرمات وفق شرع الله.فالنفس تكره مشقة الطاعة فهي تكره قيام الليل ،وصيام النهار،وحبس النفس في المسجد انتظاراً للصلاة ،والوضوء في شدة البرد،وتحب لذة الراحة واتباع الهوى والشهوات ،فإن أنت أطعتها فقد ظلمتها،حيث عرضتها لسخط الله. قال العلامة ابن رجب في فضل مجاهدة النفس(إن في حبس النفس على المواظبة على الفرائض من مخالفة هواها وكفها عن ماتميل إليه مايوجب ذلك تكفير الصغائر) ومن أعظم أسباب الإعانة على المجاهدة :الدعاء والالتجاء إلى الله والاستعانة بالصلاة، وعلى كل من بذل الأسباب وسعى في رضى الوهاب أن يتيقن تماماً أن جهده بعون الله لن يذهب سدى،وسيصل إلى المبتغى.قال الله عز وجل : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } سورة العنكبوت 69″ فوائد مجاهدة النفس: * إخضاع النفس والهوى لطاعة الله عز وجل. * إبعادها عن الشهوات وصدّ القلب عن التمنّي والتشهي. * تعوّد الصبر عند الشدائد على الطاعات وعن المعاصي. * طريق قويم يوصل إلى رضوان الله تعالى والجنة. * قمع للشيطان ووساسه. * نهي النفس عن الهوى فيه خير الدنيا والآخرة. * من جاهد نفسه وأدّبها سما بين أقرانه وفي مجتمعه. * سوء الظنّ بالنفس يعين على محاسبتها وتأديبها. * من يجاهد نفسه يمتلك الخير ويصبح حسن الخلق. اسأل الله أن يقينا شر أنفسنا ،ويصلح حالنا ،ويصلح بنا. وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.