الجامعات عندما نشأت في الغرب، نشأت مستقلة عن السلطة السياسية والدينية والثقافية والإجتماعية. وفي الوقت الذي تتغير فيه الأنظمة السياسية والضغوط الدينية والتيارات الثقافية والتوجهات الإجتماعية ، إلا أن الجامعات تحتفظ باستقلاليتها وبانحيازها لإصدار المعرفة أو نقل المعرفة أو إعادة إنتاجها بالشراكة مع المجتمعات المحليّة والإقليمية والعالمية.
وحسب تقديري، أرى بأن الوقت الراهن يجب أن يملي على الجامعات أن تستقل وتبادر كل جامعة بطواقمها الأكاديمية والبحثية والعلمية بتحمّل المسؤولية نحو خدمة مجتمعاتها عن قرب ليستفيد المواطن والوطن. والتنافس الحقيقي سوف يظهر بين الجامعات مما يؤدي إلى مزيد من الإبداع لرفع مستوى الجودة الأكاديمية وتحسين الخدمات وظهور بصمة مميّزة لكل جامعة، حيث أن الجامعات الحكومية حاليا تبدو كتوائم متشابهة في الأدوار والمميزات والخدمات.
والنظام الحالي للجامعة يمكن أن يتغيّر بحيث يكون مجلس الأمناء هو المجلس الأعلى ويمكن تعيينه بقرار ملكي ليضم بعض المتميزين من رجال الأعمال وبعض العلماء وبعض الأكاديميين والمفكرين من خارج الجامعة، ثم يأتي مجلس الجامعة بشله الحالي والذي يترأسه مدير الجامعة ويضم وكلاء الجامعة والعمداء ، وأخيراً مجلس أعضاء هيئة التدريس الذي يجب أن ينتخب أعضاؤه بالاقتراع من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة. هذه المجالس الثلاثة تشارك في صوغ وإقرار الأنظمة واللوائح الأكاديمية والإدارية والمالية، وبعد ذلك يأتي دور مدير الجامعة الذي يتم اختياره وتعيينه من مجلس الأمناء كرئيس تنفيذي، ويمنح صلاحيات واسعة في اختيار الوكلاء، بينما يكون من صلاحيات مجلس أعضاء هيئة التدريس الإشراف على انتخابات داخلية في كل كلية لاختيار العمداء ورؤساء الأقسام.
وحيث أن ميزانيات الجامعات الحكومية تصدر سنويا بشكل مستقل بحيث أن لكل جامعة ميزانية مستقلة، يظل البعض يتساءل عن المصادر الإضافية لتمويل الجامعات، تقوم إدارة الجامعة بتنمية مواردها المالية الذاتية من خلال الأوقاف والبحث العلمي وخدمة المجتمع.
وباستقلالية الجامعة، لن يكون هناك لائحة موحدة للبحث العلمي أو الدراسة والاختبارات أو الدراسات العليا، ولن يكون هناك لائحة موحدة لشؤون أعضاء هيئة التدريس وهكذا. بل تقوم كل جامعة بصياغة لوائحها بما لا يتعارض مع أنظمة الخدمة المدنية وبما يناسب كل جامعة وأولوياتها في التركيز على التدريس أو على البحث العلمي أو على خدمة المجتمع.
وحيث أن الجامعة مؤسسة أكاديمية مستقلة، تقوم بتحقيق أهداف التعليم سواءا خلال التدريس أوالبحث العلمي أو خدمة المجتمع أو بعضها أو كلها بما يتفق مع سياسة التعليم وذلك بوضع برامجها ومناهجها وخططها الدراسية والبحثية أوعقد الإختبارات للطلاب أو الدارسين أو المتدربين إضافة إلى منح الدرجات العلمية والفخرية والشهادات بما يتفق وتنظيماتها الداخلية.