امتن الله تعالى علينا بنعمة الذرية، وحذرنا من الافتتان بها فقال: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ } [التغابن: 15]. وانتدبنا لنأخذ بحجز أهلينا عن النار فقال: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم: 6]. وذلك من حق أهلينا علينا، وتمام رعايتنا لهم، وكلنا راع ومسؤول عن رعيته كما في الحديث.
ولأداء أمانة الرعاية لا بد للأبوين من الحرص والعمل على تعليم الأبناء وتربيتهم، مع اليقين أنهما محاسبان على التهاون والتقصير في ذلك.
فقد روى الترمذي وأحمد وغيرهما بإسناد صحيح أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها " أتعطين زكاة هذا، قالت لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار، قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت هما لله عزَّ وجلَّ ولرسوله " ،
فرتب العقوبة على الأم وليس على البنت التي لبست المسكتين في يدها، ولعل هذا لإقرارها على المنكر أو تسببها فيه.
أسس التربية الإسلامية
من هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الطفل: تشجيعه على طلب العلم، وإفساح المجال أمامه لمخالطة من يكبرونه سناً في مجالس العلم: روى الشيخان عن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – قال بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوس إذ أتى بجمار نخلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم " فظننت أنه يعني النخلة، فأردت أن أقول هي النخلة يا رسول الله، ثم التفت فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم فسكت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هي النخلة"،
وفي حضور الناشئ مجالس من يكبرونه سناً وقدراً تكريم له ينبغي ألا يعدم التأدب والتخلق فيه، ومن أدبه في مجلسهم أن لا يطاولهم أو يتعالم بينهم، أو يتقدمهم بحديث أو كلام. روى مسلم في صحيحه أن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً فكنت أحفظ عنه فما يمنعني من القول إلا أن ها هنا رجالاً هم أسن مني.
التهيئة للقيادة والريادة
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الطفل:
تهيئته لما ينبغي أن يكون عليه، أو يصير عليه في كبره كالقيادة والريادة والإمامة، وكفى دليلاً على ذلك تأمير رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد ذي السبعة عشر ربيعاً على جيش يغزو الروم في بلاد الشام، وفيه كبار الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، وبعثه معاذ بن جبل رضي الله عنه أميراً على اليمن وهو في التاسعة عشرة من العمر.
التعليم بالدعابة
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الطفل:
المداعبة والتعليم بطريق اللعب، وهو من الوسائل التي تعتبرها المدارس الغربية في التربية اليوم من أنجح الوسائل وأهمها وأقربها إلى نفس الطفل وأنفعها له، وهذا ثابت في مواقف كثيرة من أشهرها ما رواه البخاري وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يقال له أبوعمير – قال أحسبه فطيم – وكان إذا جاء قال: "يا أبا عمير ما فعل النغير".
التأديب بالضوابط الشرعية
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال: الضرب والتأديب بالضوابط الشرعية في التعليم /
ومن ذلك ما جاء عن معاذ رضي الله عنه قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات. قال: "لا تشرك بالله شيئاً وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمداً فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمراً فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية فإن بالمعصية حل سخط الله عزَّ وجلَّ، وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس وإذا أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدباً وأخفهم في الله".
التعويد على الخير
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الأطفال: تعويدهم على فعل الخيرات ومنها ارتياد المساجد للصلاة والتعبّد: روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قوله: "حافظوا على أبنائكم في الصلاة، وعوّدوهم الخير، فإن الخير عادة".
ربط الأبناء بالمساجد
ومن هديه عليه الصلاة والسلام أيضاً ربط الأبناء بالمساجد وتوجيههم إليها، بل كان يذهب أكثر من ذلك فيتجوّز في صلاته مراعاة لحال الصبية الذين تصطحبهم أمهاتهم إلى المساجد ، وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوّز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه".
والله الموفق ،،،
* بقلم : بدور المغامس