الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين .. ثم أما بعد ..
قال تعالى : " إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ .... " المزمل 20
إن الله عز وجل قد خص وقت الليل بالفضل العظيم والخير العميم
فقد قال عليه الصلاة والسلام : « يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا، عزَّ وجلَّ، كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ »
فخص الله جل وعلا وقت الليل - وخاصة ثلثه الأخير - باستجابة الدعاء وقبول الاستغفار إذ هو وقت يغفل فيه الناس ويستغرقون فى النوم ويستريحون من أعباء نهارهم فكان وقت غفلة عند الكثير
وتزداد الغفلة عنه في ليالي البرد .. وذي الأخيرة قد خص الله صاحبها بخصلة عظيمة
فقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله ليضحك إلى رجلين رجل قام في ليلة باردة من فراشه ولحافه ودثاره فتوضأ ثم قام إلى الصلاة فيقول الله عز وجل لملائكته ما حمل عبدي هذا على ما صنع فيقولون ربنا رجاء ما عندك وشفقة مما عندك فيقول فإني قد أعطيته ما رجا وآمنته مما يخاف .. " الحديث
فمن قام في الليل فصلى لله ودعاه جل وعلا وتقرب إليه
فهو بذلك لا يريد إلا وجهه .. إذ هو توارى عن أعين الناس ليلجأ لرب الناس فتم حينئذٍ إخلاص النية
ويلزم مع ذه استحضار القلب والاستيقان من الإجابة وترك الغفلة .. وهو من آكد الأمور في الدعاء
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة : " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل له "
فادعوا الله موقنين بالإجابة مستحضرين ما تقولون غير غافلين عنه فمقام الغفلة مقام مذموم
ولا تعجلوا في الدعاء والإجابة
وألحوا في الدعاء فإن الله يحب الملحين في الدعاء
واعزموا المسألة فيه واعتقدوا أن الله لن يخيبكم في دعائكم
حمدان مسلم الكبيدي المرواني