سؤال غريب، إذا أقترب شخص منك وسألك إيّاه، على الأغلب ستجيبه : لا أحد يعرف متى سيموت. إنه في علم الغيب وعلم الغيب لايعلمه إلا الله وحده، ولكن للسؤال وجه آخر.
سنغيّر طريقته واسلوبه ونعيد سؤاله من جديد.. من هو الشخص الذي كأنما عاش معمراً في ذكر الله وطاعته؟ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ سِتِّينَ إِلَى سَبْعِينَ ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ "
وكان الفرق كل الفرق فيمن قضى عمره في لهو ٍ من الدنيا، ومن قضاه في عبادة الله. الإنسان إذا مات فإنه يبقى رهين عمله ، مدة من الزمن لا يعلمها إلا الله عز وجل ، ربما ملايين السنين ، أو مئات الآلاف من السنين ، ثم يُبعث بعد ذلك ، ويبقى منتظراً للجزاء والحساب . ومع ذلك فإن عمر الانسان قصير مهما طال، ليسَ مثل من سبقونا من الأمم الغابرة اللذين عاشو قرابة الألف عام لعمر الفرد .
الناس في هذا الزمان أصبحت أتفه الأشياء تشغلهم، وتجد أغلبهم يؤدون الفرائض فقط وتأمل قول الله عز وجل : { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } [ النساء103 ] .
فهل أنتَ ممن يذكر الله قياماً وقعوداً..؟
ولهذا يلزم المسلم والمسلمة التفكر والتأمل في آيات الله وما أعطاها وخصصها لتلك الأمّة المحمدية ببساطة وإنها والله كالكنوز المحفوظة واللآليء المكنونة التي غفل عنها الكثيرين وهي التي تزيد عمرك عند الله ، فلا تضيع وقتك فيما لا فائدة منه ، ولا خير يعود عليك ، بل اجعل وقتك أو جله لله عز وجل ، وسوف ترى السعادة الحقيقة ، ستهنأ بحياتك في الدنيا ، وتسعد في الآخرة ، فاجعل هذه الحياة الفانية مزرعة لك للآخرة ، تحصد هناك ثمار أعمالك وأقوالك وهاهي بعض من الأعمال التي يجب على كل مسلم أن يحرص عليها ليكون معمّراً بالطاعات وتمتد سنواته وكأنما عاش ألاف السنين يعبد ربه عز وجل .
النية :
محلها القلب ، ولا محل لها في اللسان في جميع الأعمال، وعن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه))؛ متفق على صحته.
فكيف تجعل الأشياء المباحة كالنوم والأكل حسنات في موازينك يوم القيامة؟ كأن تنوي وتستحضر نيتك وتحتسب أجرك أن يقويك ذلك النوم على قيام الليل، أو ذلك الطعام على شد أزرك وتصفية ذهنك لتحفظ القرآن الكريم وغيرها من الأمور الحياتية اليومية، إن الله عز وجل يحاسب الإنسان بنيته فإن كانت صالحة حصل على الأجر وحتى لو لم يتمكن من اتمام العمل الذي كان في نيته لعبادة الله عز وجل فاستحضار النية واخلاص العمل حتى وان كان صغيراً لهو امتداد لك كقوله تعالى في سورة الإسراء (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) (الاسراء: الآية18)
ما قال: عجلنا له ما يريد ؛ بل قال: (عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ) ، لا ما يشاء هو؛ (لِمَنْ نُرِيدُ) لا لكل إنسان ، فقيد المعجل والمعجل له؛ فمن الناس: من يعطى ما يريد من الدنيا، ومنهم: من يعطى شيئاً منه، ومنهم: من لا يعطى شيئاً أبدًا.?وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً? (الإسراء:19) لابد أن يجني ثمرات هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة.
الصلاة :
مثل الصلوات في الحرمين الشريفين، مضاعفات الأجر فيها عالية جداً باذن الله قال صلى الله عليه وسلم : صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام و صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه ، وصلاة الجماعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة و من صلى العشاء و الفجر في جماعة كان كقيام ليلة " والجمعة ثوابها بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيامها والمقال لا يتسع فهناك النوافل وصلاة الإشراق وصلاة الضحى .
الصدقة الجارية :
كبناء مسجد أو طباعة مصحف أو المشاركة في شيء يستمر أجره كلما استنفع منه الأنسان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له .
شهر رمضان :
لا شك أن شهر رمضان شهر عظيم ومبارك، والأعمال الصالحة لها أجور عظيمة، فذكر الله المضاعف في نهار رمضان، والتسبيح والتهليل، وعمرة في رمضان تعدل حجة! وليلة القدر خير من ألف شهر وهي ماتعادل الثلاثة والثمانون عاماً .
الصوم :
صيام الأيام البيض وهي 13 و 14 و 15 من كل شهر كتب له صيام الدهر و صيام ستة من شوال بعد صيام رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صام رمضان و أتبعه ستا من شوال كان كصوم الدهر "
الأمور الاجتماعية
قضاء حوائج الناس ، ثوابها يعدل الاعتكاف شهرا في المسجد. وزيارة المريض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من امرئ مسلم يعود مسلما إلا ابتعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه في أي ساعات النهار كان حتى يمسي و أي ساعات الليل كان حتى يصبح ، صله الرحم، والسعي للخير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سن سنة حسنة عمل بها بعده كان له أجره و مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء و من سن سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه وزرها و مثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيء .
والمجال يتسع كثيراً وإنما بنيت هذه المقالة من بذرة مختصرة من الأعمال المضاعفة والكنوز الثمينة واسأل الله أن تكون اشعاله وبداية جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة ومن الذين طال عمرهم وزاد عملهم الصالح .