الغش له أشكال عديدة في عدة مجالات ولكن الظاهرة المنتشرة بشكل كبير في مجتمعاتنا وهي "الغش في الامتحانات", تساءلت يوماً بعد انتهاءنا من امتحان كيف أصبحنا نرى زميلات لنا يقمن بالغش ولا نعرهم أي أهمية أي أصبح من الطبيعي جداً مشاهدة طلاب يتبادلون الأجوبة أثناء الامتحان, وتكاد لا تخلو قاعة اختبار بلا غش أو حتى محاولة للغش, فقد تحدثوا كثيرا من العلماء والمشائخ عنه ومما تكرر في أسبابه قلة الوازع الديني وتجاهل تحريمه وحديث رسولنا الكريم {من غشنا فليس منا}.
إلا أن بعض الطلاب اعتبروا الغش "جائزاً" في حالات كالغش بنية المساعدة أو الغش في مادة اللغة الإنجليزية والرياضيات باعتبارها علوم دنيوية ليست دينية, حتى أصبح عادة عند البعض وإن كان قد درس مُسبقاً للاختبار إلا أنه يغش خوفاً من أنه قد يُخطئ ولا يحصل على الدرجة الكاملة!, وأيضا من الغريب أن العلاقة المتوترة بين المدرس والطالب قد تكون سبباً قوي له فيشعر الطالب حينها بالانتقام من أستاذ المادة!.
ولكن جميع هذه الأسباب لا تكون مبرر جائزاً للغش فقد أفتى الشيخ عبدالعزيز بن باز _رحمه الله_ بأن "الغش في جميع المواد حرام ومنكر ;لعموم قوله _صلى الله عليه وسلم_ : "من غشنا فليس منا".وهذا لفظ عام يعم الغش في المعاملات وفي النصيحة والمشورة وفي العلم بجميع مواده الدينية والدنيوية, ولايجوز التساهل فيه" .
فينظرون للبائع الذي يغش المشترين بأنه جشع وتجب معاقبته باعتقادهم أن هذا البائع يؤثر بغشه على المشترين ولكن الطالب يؤثرعلى نفسه فقط, فكثير من الأمور مترابطة لكن الشخص يختار ما يناسب هواه وينبذ مايكره هو شخصياً!, وهنا نقول بأن الحالتين متشابهة فالبائع يغش الآخرين والطالب يغش نفسه وأستاذه وزملاؤه أيضاً الذين قد يتفوق على بعضهم لأنه استعان بالغش مما يشعرهم بشعور سيء تجاهه وأنهم قد ظُلموا منه !
ومن كثرة المواضيع التي كتبت بالغش ربما أصبح هناك نفور منها لتشابهها فيما تطرح ومعلوماتها المتكررة التي لم تعد لها فائدة في إقناع الطلبة على عدم الغش, إلا أن الطالب لم يتفكر بآثار الغش على المدى البعيد إذ أن كل ماسيعتمد على نجاحه الذي اجتازه بالغش سيكون "حراماً" لأن أساسه حرام ولن يبارك له الله فيما سيجني وأن الله يُمهل ولا يُهمل عبده أبدا.
وما يؤلم القلب هو التهاون الذي يحدث في تحريمه وأخشى أن تصبح أمور أخرى من المتفق على تحريمها "عادية في حدوثها" في المستقبل كهذه الظاهرة
بقلم / هديل الحسون