خشية الله بالغيب هي علامة الصدق والإيمان والعلم بالله تعالى، يقول سبحانه وتعالى :{إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}*والخشية عمل من أعمال القلوب بل هي تاج اعمال القلوب وهي منزلة عظيمة بل هي منزلة الأنبياء يقول تبارك وتعالى {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا }1*ولعظم هذه العبادة القلبية وأثرها العظيم على باقي العبادات جعل الله لها أعظم الأجر،ورفع قدر صاحبها إلى أعلى منزلة يقول تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}2* فجعل لهم محو الذنوب بالمغفرة والأجر الكبير في الاخرة ، بل وعدهم ليس بجنة واحدة إنما بجنتين يقول تبارك وتعالى:{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}3* ولما خشوا نظر الله إليهم في خلواتهم جعل سبحانه جزاءهم أن يروه في آخرتهم يقول تعالى : {مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ، ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ،لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }4*قال ابن كثير المزيد هو النظر إلى وجهه تعالى؛
ومن أهم أسباب الخشية الجامعة لمعان كثيرة
-محبة الله وهي تحمل العبد على الخشية من الانقطاع عن الله والحرمان من رضوانه0
-الرجاء يؤدي إلى الخشية من فوات ثواب الله0
-الخوف يحمل على خشية التعرض لسخط الله وعقابه 0
بل ذكر العلماء أن من أعظم ما يثبت الانسان بالقول الثابت في الدنيا والآخرة أن يكون بينه وبين الله خبيئة من العمل الصالح،والعكس من أعظم أسباب الزيغ والهلاك والعياذ بالله؛هي ذنوب الخلوات ،جاء في الحديث عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : (لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا) قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : (أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا)5*
اللهم ارقنا خشيتك بالغيب والشهادة 0
* [فاطر:28] 1* الأحزاب39 2*الملك12 3* (الرحمن:46) 4* ق بقلم /منيرة عبد الله حماد العتيبي
5*رواه ابن ماجه (4245) ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه"