إن من السنن الكونية وقوع البلاء على المخلوقين اختباراً لهم, وتمحيصاً لذنوبهم , وتمييزاً بين الصادق والكاذب منهم قال الله تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين)َ
و قال تعالى( الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط) رواه الترمذي وقال حديث حسن
وأكمل الناس إيمانا أشدهم إبتلاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) أخرجه الإمام أحمد وغيره
المؤمن يبتلى وابتلاء الله له بما يؤذيه له فائدتان عظيمتان:
الفائدة الأولى :اختبار هذا الرجل في إيمانه ، فالمؤمن الصادق في إيمانه يصبر لقضاء الله وقدره ، ويحتسب الأجر منه وحينئذ يهون عليه الأمر.
أما الفائدة الثانية : فإن الله سبحانه أثنى على الصابرين ثناءً كبيراً وأخبر أنه معهم وأنه يوفيهم أجرهم بغير حساب ، والصبر درجة عالية لا ينالها إلا من أبتُلي بالأمور التي يُصبر عليها.
ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعظم الناس إيماناً واتقاهم لله وأخشاهم لله كان يوعك كما يوعك الرجلان وشُدد عليه صلى الله عليه وسلم عند النزع كل ذلك لأجل أن تتم له منزلة الصبر فإنه عليه الصلاة والسلام أصبر الصابرين ، ومن هذا يتبين لك الحكمة من كون الله سبحانه وتعالى يبتلي المؤمن بمثل هذه المصائب ، أما كونه يعطي العصاة والفساق والفجار والكفار العافية والرزق يدره عليهم فهذا استدراج منه سبحانه وتعالى لهم ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر . فهم يُعطون هذه الطيبات لتُعجل لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ، ويوم القيامة ينالون ما يستحقونه من جزاء ، قال الله تعالى : ( ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) فالمؤمن ينتقل من دار خير من هذه الدنيا فيكون قد انتقل من أمر يؤذيه ويؤلمه إلى أمر يسره ويفرحه ، فيكون فرحه بما قدم عليه من النعيم مضاعفاً لأنه حصل به النعيم وفات عنه ما يجري من الآلام والمصائب.
والناس حين نزول البلاء ثلاثة أقسام:
الأول: محروم من الخير يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله واتهام القدر.
الثاني: موفق يقابل البلاء بالصبر وحسن الظن بالله
الثالث: راض يقابل البلاء بالرضا والشكر وهو أمر زائد على الصبر
من الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى وتسكن الحزن وترفع الهم وتربط على القلب:
الدعاء: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة
الصلاة: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا حزبه أمر فزع الى الصلاة رواه أحمد
الصدقة: " وفى الأثر "داوو مرضاكم بالصدقة
تلاوة القرآن: " وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين "
الدعاء المأثور: "وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون" وما استرجع أحد في مصيبة إلا أخلفه الله خيرا منها
غادة السكران