نحن في زمان قلت فيه الأمانة، وكثرت فيه الخيانة، وأصبح كثير من الناس لا يؤتمنون، وإذا اؤتمنوا خانوا، وأصبحوا يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى أصبح يقال:إن في بني فلان رجلاً أميناً، لندرة الأمانة بين الخلق، وكأن الناس ما علموا أن الأمانة والرحم يقفان يوم القيامة على جنبتي الصراط يميناً وشمالاً، لعظم أمرهما وكبر موقعهما، وليطالبا من يريد الجواز بحقهما.وأما سلفنا السابقون فقد تجذرت الأمانة في قلوبهم، فيها يتبايعون، ويتعاملون، ولهم في ذلك قصص وأخبار.
في معركة اليرموك أرسل أحد قادة جيش الروم واسمه القُبُقلار، رجلاً من قضاعة يقال له ابن هزارف، فقال له:ادخل في هؤلاء القوم– يعني المسلمين– فأقم فيهم يوماً وليلة ثم ائتني بخبرهم .فدخل ابن هزارف في جيش المسلمين، فأقام فيهم يوماً وليلة، ثم رجع إلى قائد الروم، فقال له القائد:ما وراءك ؟قال: بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق فيهم ابن ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجم لإقامة الحد فيهم .فقال القائد: لئن كنت صدقتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها، ولوددت أن حظي من الله أن يخلي بيني وبينهم، فلا ينصرني عليهم، ولا ينصرهم عليّ .بهذه الكلمات اليسيرات عبّر هذا العربي عن بعض أسرار القوة التي عند المسلمين، والتي كانت من أسباب نصرهم على جيوش أكثر منهم عدة وعتادا
الكاتبة : مشاعل بنت عبدالله