يعد الحوار أحد أركان الفهم والاقتناع ، ويقصد به تفاعل لفظـي بين طـرفين أو أكـثر حول موضوع معين،تتم فيه طـرح أسئلـة وتقـديم إجابات ونقـدهـا والدفـاع عــن آراء معـينة واتخـاذ قـرارات .ويستخـدم الحـوار في تربية الصغار والكبار بمختلف مـؤسسات التربية فـي المجتمـع؛وذلك لتحقيق فوائد عدة والتي منها:جذب اهتمام الأفراد وإثارة انتباههم وطرد السأم والملل وتحقيق الإقناع والاقتناع العقلـي وإبعـادهـم عن الانقياد الأعمى وتحفيز المستمعين للمشاركة .
ويزخـر القـرآن الكـريم بالآيات التـي قامـت علـى الحـوار والمنـاقشة ،مثـل:قصـة الخضـر وموسى عليهما السلام كمـا جاءت في سور الكهف ،إذ تم بينهما حوار طويل خلال رحلتهما معاً فكان موسـى حريصـاً علـى فهـم كـل مـا يحـدث بمختلف المواقف حين قام الخضر بخرق السفينة وبقتل الغـلام وببناء الجـدار.
وتضمنت السـنـة المطهـرة العديد من الأمثلة التـي قامت على المحاورة ،مثل :سؤال معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي وجهه لرسول الله بقوله (أمؤخذون بما نتكلم به) فرد عـليه رسـول الله صلـى الله عـليه وسلـم (ثكلتك أمـك يا معـاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم ).
وجـاءت وصـايا بعـض المربين بالاعتناء بالمحاورة والمناظرة، إذ قـال:ابن خـلدون أن الطريقة الصحيحة في التعليم هي التي تهتم بالفهم والوعـي والمناقـشة لا الحفـظ الأعمـى عـن ظهـر قـلـب،وأشـار الزرنوجـي مـن أن قضـاء سـاعـة واحـدة فـي المناقشة والمناظرة أجدى على المتعلم من قضاء شهر بأكمله في الحفظ والتكرار .
ومؤسسات التربية فـي المجتمع مطـالبة بالأخـذ بأسلوب المحاورة كل وفـق خطـطه وأهدافـه.ومـمـا يجـب علـى الأســرة باعتبارهـا واحـدة مـن هـذه الـمؤسسات التربوية أن تعـود أفـرادها علـى استخدام هـذا الأسلوب بينهم، وأن تتم وفـق مجموعة من آداب الحوار الفاعل ؛لتتحقق فوائده،والمسئولية ملـقـاة علـى الـوالدين لأنهمـا أصحـاب التأثير القـوي في البيـت ،فمن الآداب أن يأخذ الأب أو تأخذ الأم بنمط الحوار المناسب للموقف ، فقد أثبتت كتابات تربوية أن للحوار أنماط متنوعة،مثل:الحـوار الخطـابي والحـوار الوصفي والحـوار القصصي والحـوار الجدالي والحوار النبوي
ومـن الآداب مـراعاة الفـروق بين الأبناء حيث تتم المحاورة على قـدر عقـولهـم ومستوى إدراكهـم فلا يعامل الأبن المتردد في الدخول في أي عملية حوار كالأبن المنطلق والمقبل على الآخرين.وأن يكون الهدف مـن المحاورة واضـحاً إذ يستطيعا الوصول إليه بأقل جهد ووقت.ومن الآداب أن يكون موضوع الحوار معروفاً لـدى أطرافـه؛لتـتم عـمليات طرح الأسئلـة وتقـديم الإجابـات والدفاع عن آرائهم المطروحة في أثناء المحاورة في إطار الموضوع، بالإضافة إلى تحلي الأبوين والمتحـاورين بسعـة الصدر والهدوء وعدم التكلف .
ومـن الآداب التدرج فـي عـرض عناصـر الموضوع إذ يبدأ الأب أو تبدأ الأم بالواضح من عناصر الموضوع وشيئاً فشيئاً يصلان إلى العناصر التي تحتاج توضيح . كما يجب الاعتناء بمناسبة الوقت لجميع أطراف الحوار فلا تسهم العجلة في تحقيق الهدف من المحاورة .
فيجب عليهما مجتمعين أو كل على حـدة الأخذ بهذه الآداب فلا يشعرون بالملل مهـما طـالت مـدة الحـوار وكـثرت الجـلسات الحوارية أو تعاظمت درجتها طالما أنها في إطار الأدب .وهـذه الحال إن توافرت في البيت المثالي فهو ليس بغريب لأن أفراد البيت الواحد مترابطون معاً وهدفهم واحد .
فما أجمل اللحظات التي يعيشها الأب أو التـي تعيشـها الأم وهمـا يشاهـدان أبنائهما يتفاعلون مع بعضهم البعض أو الآخرين يسألون ويـجيبون بطلاقـة ولديهم ثروة لفظية ويدافعون عن مواقفهم وينتقـدون الآراء المعروضـة برؤيـة صـائبة
وفي المقابل ما أصعب الأوقـات علـى الأب أو الأم وهـمـا يلاحـظان أبنائهـما يترددون عند السـؤال أو عند الإجـابة ولا يدافعون عن مواقفهم .
أدب الحوار في البيت
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/articles/195194/