التوبة هي الرجوع إلى الطريق الله الذي أراده لنا عبر الرسالة المحمدية خاتمة الرسالات، ولا تتأتي للعبد إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى؛ لأن المعصية ما كانت إلا بخذلان الله وتخليته للمرء ونفسه، قال تعالى في سورة التوبة : ((فتاب عليهم ليتوبوا...)، وإعمال الفكر في المعاصي وما تجره من ويلات على العاصي في الدنيا والآخرة، وهمة وإرادة قوية تدفعانه إلى الرجوع للحق والهدى، ومفارقة قرناء السوء، وحكم التوبة واجبة على كل مكلف في كل زمان لا كما يقع في بال كثير من الناس أنها لا تجب إلا على أهل الكبائر، وتأخير التوبة ذنب يجب التوبة منه والدليل قوله تعالى في سورة النور ((وتوبوا جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)) وكان الصحابة يتوبون لله في المجلس الواحد أكثر من مائة مرة.
وشروط التوبة تتمثل في الإقلاع عن الذنب، الندم على ما فات، والعزم على أن لا يعود للذنب مرة أخرى، ورد الحقوق إلى أهليها، والأشياء التي يتاب منها كثيرة؛ منها الشرك بأنواعه، والكفر بنوعيه، والفسوق، والعدوان، والكبائر، والصغائر، والإسراف، والتبذير، والكبر، والتقصير في الأعمال التي أسندت إليك والتي هي أمانة في عنقك والحسد والغفلة والتهاون في العبادات وغير ذلك .
ومن ثمار التوبة محبة الله للتائب، قال تعالى في سورة البقرة : (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)، ويبدل الله سيئات التائب حسنات قال تعالى في آخر سورة الفرقان ( إلا من تاب وآمن عمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئات حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) . واختلف العلماء في التبديل فقال بعضهم يوفق لفعل الحسنات بدل فعل السيئات . وقيل إنه إذا صدقت توبته يعطى بدل كل سيئة عملها حسنة فضل وكرم من الله، ويُنوّر الله بصيرة التائب فيعرف الحق من الباطل، ومن صدق في بغضه حين مقارفته للمعصية ينقلب بغضه حباً له في الله، ويكون في قلب التائب كسرة وخضوع لله لا يجد ذلك إلا التائب فيعبد الله مخلصاً حباً وخوفاً ورجاءً.
فتأمل أخي المسلم هذه الثمار الطيبة أليست جديرة بالاهتمام والسعي لها بالتوبة وكثرة الاستغفار والصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي . قال الله تعالى في سورة الأنفال : (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) .
بقلم / حمود القحطاني