كان في السابق يتسابق الجميع لحج بيت الله رغم صعوبة ذلك الأمر؛ بسبب صعوبة السفر والترحال ما بين مكة والدول الأخرى، ومع سهولة الترحيل في زمننا هذا الا أن الحج أصبح يذهب اليه ميسوري الحال فقط؛ بسبب غلاء السفر والمبالغة في ذلك، ورغم ذلك هناك من ميسوري الحال لا يحجون، بل هناك من يتواجد في داخل مكة منذ أعوام ولكنه لا يبادر الى الحج، بسبب مشاغله وجريه وراء الدنيا ومفاسدها.
ونقول لهؤلاء الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام, والمسلم يعتز أن من الله عليه بتلبية دعوة أبيه إبراهيم الخليل -عليه وعلى نبينا المصطفى أفضل الصلاة والتسليم- لحج بيت الله المقدس, فكم من مؤمل ذلك حال دون أمله قصر الأجل، وكم من مستشرف لمشاهدة هذه الرحاب المقدسة والوقوف على مشاعر الحج المعظمة لم يظفر ببغيته ولم يصل إلى غايته.
والحج فريضة تأتلف فيها مصالح المسلمين، وتجتمع منافعهم وتجدد الروابط بينهم، وتصدق العزائم عند اللقاء الكريم لقاء الأخ بأخيه في رحاب البلد الأمين، وذلك ما تشير إليه الآية الكريمة التي يخاطب الله بها خليله إمام الحنفاء حين بنى البيت المعظم قال تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ).
ولقد فُرض الحج على المسلم في العمر مرة واحدة رحمة به ودفعاً للحرج عنه؛ ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعتم).
بقلم / فاطمة الكثيري