بسم الله الرحمن الرحيم
إن الله سبحانه وتعالي جعل الصبر جواداً لا يكبو , وجنداً لا يهزم , وحصناً حصينا لا يهدم ، فهو والنصر أخوان شقيقان ، فالنصر مع الصبر ، والفرج مع الكرب ، والعسر مع اليسر ، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد ، ومحله من الظفر كمحل الرأس من الجسد لما كان الصبر نصف الإيمان ، وخلقاً فاضلاً من أخلاق النفس ، وقائداً للنفس إلى طاعة الله ، صارفاً لها عن معصيته ، كان ضرورياً أن نبين حقيقته وفضله في وقت كثرت فيه المصائب ، وعمت الفتن ، وزادت الشبهات ، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر،وصارت حاجة الناس إلى الصبر لا تقل عن حاجتهم إلى الطعام والشراب. فنسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر على طاعته ، الصبر عن معصيته ، والصبر على قضائه وقدره
يعرف الغزالي الصبر بأنه : عبارة عن ثبات باعث الدين في مقاومة الهوى.
إن دافع الهوى قد يدفع الإنسان إلى التكاسل عن أداء الطاعات ، أو إلى فعل المنهيات ، أو إلى الضجر
والجزع عند الابتلاء ، فيقاومه باعث الدين.
إذن الصبر هو حمل النفس على أداء الطاعات ، وإجتناب المنهيات ، وتقبل البلاء برضا وتسليم
فالصبر ساق إيمان المؤمن الذي لا اعتماد له إلا عليها , فلا إيمان لمن لا صبر له وإن كان فإيمان قليل في غاية الضعف وصاحبه يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به ، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ، ولم يحظ منهما إلا بالصفقة الخاسرة.
فخير عيش أدركه السعداء بصبرهم , وترقوا إلى أعلى المنازل بشكرهم ، فساروا بين جناحي الصبر والشكر إلى جنات النعيم ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم "
روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ( .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( وجدنا خير عيشنا بالصبر ) وقال أيضاً: ( أفضل عيش أدركناه بالصبر ، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريما ).
وقالت عائشة رضي الله عنها : ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم
صبر على موت أحبابه ووفاة زوجه خديجة رضي الله عنها وقد قدر الله موت أبنائه الذكور جميعاً في حياته ولم يبق من بناته إلا فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين .
وأخيراً أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر ، وأن يجعلنا من الصابرين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه الطالب / علي محمد الغامدي