إن من أعظم الأمانات أمانة النفس فهي أعظم من أمانة الأموال و الأولاد اقسم الله بها في كتابه، قال تعالى " و نفس و ما سواها " و قد جعل الله لهذه النفس طريقين :
1 - طريق تقوى و به تفوز و تفلح
2 - طريق فجور و به تخسر و تخيب
و الناظر في حال الناس اليوم , يرى رخص النفوس عند أهلها , و يرى الخسارة في حياتها لعدم محاسبتها , و الذين فقدوا أو تركوا محاسبة نفوسهم سيتحسرون في وقت لا ينفع فيه الحسر .
قال تعالى "أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله"
و يترتب على ترك محاسبة النفس أمر هام جدا ألا وهو هلاك القلب , كتب عمر بن الخطاب إلى بعض عماله " حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء عاد أمره إلى الرضا و الغبطة، و من ألهته حياته و شغله أهواؤه عاد أمره إلى الندامة، و لمحاسبة النفس نوعان :
1 – النوع الأول محاسبة النفس قبل العمل .
2 – النوع الثاني : محاسبة النفس بعد العمل : و هو ثلاث أنواع :
النوع الأول : محاسبة النفس على طاعات قصرت فيها.
النوع الثاني : أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيرا من فعله.
النوع الثالث : أن يحاسب نفسه على أمر مباح أو معتاد لم فعله.
فيجبُ أن يكونَ المؤمنُ محاسباً لنفسهِ مهتماً بها ، لائماً على تقصيرِها قال الإمامُ ابنُ القيمِ رحمه الله تعالى : (( ومن تأملَ أحوالَ الصحابةِ رضي الله عنهُم وجدَهم في غايةِ العملِ معَ غايةِ الخوف ، ونحن جمعنا بين التقصير ، بل بين التفريطِ والأمن )) .
هكذا يقولُ الإمامُ ابن القيمِ عن نفسه وعصره !
فماذا نقولُ نحنُ عن أنفسِـنا وعصرِنا ؟!
• وهناكَ أسبابٌ تعينُ المسلمَ على محاسبةِ نفسهِ وتُسهِّلُ عليهِ ذلك ، منها ما يلي :
1. معرفةُ أنك كلما اجتهدت في محاسبةِ نفسكَ اليوم ، استراحتَ من ذلك غداً ، وكلما أهملتها اليوم اشتدَّ عليكَ الحسابُ غداً .
2. معرفةُ أنَّ ربحَ محاسبة النفس هو سُكْنى الفردوس ، والنظرُ إلى وجهِ الربِ سبحانه ، وأنَّ تركها يؤدي بك إلى الهلاكِ ودخولِ
النار والحجابِ عن الرب تبارك وتعالى .
3. صحبةُ الأخيار الذينَ يُحاسبونَ أنفسَهُم ، ويُطلِعونَك على عيوبِ نفسِكَ ، وتركُ صحبة من عداهم .
4. النظرُ في أخبارِ أهل المحاسبةِ والمراقبة ، من سلفِنا الصالح .
5. زيارةُ القبورِ والنظرُ في أحوالِ الموتى الذين لا يستطيعونَ محاسبةَ أنفسِهم أو تدارُكِ ما فاتَـهم .
6. حضورُ مجالس العلمِ والذكر فإنها تدعو لمحاسبة النفس .
7. البعدُ عن أماكن اللهوِ والغفلة فإنها تُنسيكَ محاسبةَ نفسك .
8. دعاءُ اللهِ بأن يجعلك من أهلِ المحاسبة وأن يوفقك لذلك .
• كيفَ أحاسبُ نفسي ؟
سؤالٌ يترددُ في ذِهن كل واحدٍ بعدَ قراءةِ ما مضى .
وللإجابة على هذا التساؤل :
ذكرَ ابنُ القيم أن محاسبةَ النفس تكون كالتالي :
أولاً : البدءُ بالفرائض ، فإذا رأى فيها نقصٌ تداركهُ .
ثانياً : النظرُ في المناهي ، فإذا عرَف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبةِ والاستغفارِ والحسناتِ الماحية .
ثالثاً : محاسبةُ النفس على الغفلةِ ، ويَتَدَاركُ ذلِك بالذكرِ والإقبالِ على ربِ السماوات ورب الأرض رب العرش العظيم .
رابعاً : محاسبةُ النفس على حركاتِ الجوارح ، وكلامِ اللسان ، ومشيِ الرجلين ، وبطشِ اليدين ، ونظرِ العينين ، وسماعِ الأذنين ، ماذا أردتُ بهذا ؟ ولمن فعلته ؟ وعلى أي وجه فعلته ؟
بقلم / فاطمة عواض مشل العتيبي