ظاهرة التغريب في الأمة الإسلامية
عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه. قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟
قال ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث: " ضب ": دويبة معروفة ... والذي يظهر أن التخصيص إنما وقع لجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته. ومع ذلك فإنهم - لاقتفائهم آثارهم وإتباعهم طرائقهم – لو دخلوا في مثل هذا الصغير الرديء لتبعوهم
مظاهر التغريب:
إن إتباع آثار اليهود والنصارى، ممثلا في اقتفاء آثار الغرب في طرائق معايشهم ومناهج حياتهم، أصبح من الأمور المميزة لحياة المسلمين في هذا الزمان. وتتعدد مظاهر هذه التبعية في أمور شتى، أحاول استعراض أغلبها أو أهمها فيما يلي:
إعطاء أسماء أجنبية للمحال التجارية: فالعابر في الشارع يروعه هذا الكم الخطير من الإعلانات التي تحمل أسماء أجنبية، إما مكتوبة باللغة العربية - وهو الأمرّ – أو مكتوبة باللغة الإنجليزية. واستعرض فيما يلي طائفة لهذه المسميات: فهذا محل للسيارات يطلق على نفسه " الألفي موتورز "! بدلا من أن يقول " الألفي للسيارات ". ". إن هذه مجرد مثال لأسماء عديدة غيرها تصدم المتجول بالشارع، وتجعله يشعر بأنه في بيئة غربية غير البيئة العربية التي يحيا فيها!
*من مظاهر التغريب التي تصدمك في الشارع، تقليد سلوكيات الغرب وعاداتهم شبرا بشبر وذراعا بذراع. تجد البنت ترتدي الملابس على الموضة الغربية، فتمشي في الشارع شبه عارية. وقلما تجد بنتا بدون أن يصاحبها ولد.
*في أسلوب الحوار، تجدهم يحاولون إقحام كلمة باللغة الإنجليزية أثناء الحديث، حتى يبدو المتكلم وكأنه " مثقف "!! فلا يخلو الحديث من كلمات مثل " أوكيه " أو " هاي " وفي ذلك هجران للغتنا وتقليل من شأنها، خاصة مع وجود البدائل لكل تلك الكلمات والعبارات في ديننا وفي ثقافتنا.
وبعد يوم العمل، تأتي أوقات الفراغ التي يحاولون " قتلها "، فتجدهم أمام شاشات التلفاز يشاهدون المسلسلات أو الأفلام التي تبث القيم الغربية البعيدة أو المنافية للإسلام.
* في التفكير والسلوك، سيطر النمط الغربي للسلوك على أفراد أمة الإسلام. فتجدهم يغرقون في الديون طويلة الأجل من أجل شراء بيت كبير أو سيارة فارهة أو غير ذلك من الكماليات. ولا يهتمون بما إذا كانت هذه المعاملات تَحْرُم لارتباطها بالربا أم لا.
* في المأكل والمشرب. وضع لنا الإسلام آدابا تنظم طريقة الأكل والشرب. ولكننا هجرناها واستعرنا مفاهيم الغرب عوضا عنها
فانتشرت في شوارعنا ثقافة محلات يتناول فيها الناس الطعام على أنغام الموسيقى الصاخبة والأغاني الهابطة.
كل هذه المظاهر هي مجرد نماذج لما أصاب هويتنا في مقتل. ذلك أن أهم شيء فطن إليه أعداؤنا هو ما تضيفه إلينا هويتنا من عزة وفخار. فكانت محاولاتهم المتكررة لمسخ تلك الهوية وتشويه صورتها. والآن وبعد وضوح هذه المخططات وآثارها على مجتمعاتنا، فإما أن نظل ملتزمين بهويتنا الإسلامية، وإما أن ننجرف مع التيار فيبتلعنا ونهلك وتكون الهاوية.
خطورة هذا النموذج على أمة الإسلام
لما تحقق لهم ما يريدون من تقدم، أرادوا أن تكون لهم حضارة وقيم خاصة بهم، فكانت تلك المظاهر التي انتشرت بينهم في المأكل والمشرب والملبس والمعاملات بين البنات والأولاد. ولذلك فإن اقتباس هذه المظاهر دون العمل بالأسباب الدافعة للتقدم هو مجرد وهم وسراب، ولن يجلب تقدم أو يؤدي إلى تنمية.
إن الفرق بين الحضارة الإسلامية وبين غيرها من سائر الحضارات الأخرى، أن الحضارة الإسلامية عُنيت ببناء الفرد أولا بناءً شاملا، ثم بعد ذلك انتقلت إلى العمران المادي. كما أن حضارة الإسلام هي حضارة تقوم على الجانب الوجداني والقيم، ومنها الجمال والسمو. أما الحضارات الأخرى فقد عُنيت بالتشييد المادي وإعمار الحياة في ميادينها المختلفة، لكنها تتجاهل بناء الفرد من داخله، بل وتعجز تماما عن القيام بهذا الدور الذي تفرد به الإسلام دين الفطرة. كما تقوم الحضارات المستحدثة الدخيلة على ثقافة العشوائية وليس لها جذور.
طرق العلاج
* ان أولى خطوات العلاج في سبيل تأصيل هويتنا الإسلامية، هو تمسك الإدارات المحلية والبلدية بعدم إعطاء ترخيص للمحلات إلا إذا كان اسمها عربيا خالصا له معنى في اللغة العربية.
* تخلي الأسر عن الطموح الجامح، وذلك بأن تعيش في حدود إمكانياتها، والتخلي عن مظاهر الاستهلاك الترفي والمظهري والعودة إلى الدين الصحيح بالالتزام بتعاليم الإسلام فيما يتعلق بعدم الجنوح والإغراق في الديون بغير داعٍ.
* على الإعلام التوقف عن الترويج للنموذج الغربي بكل قيمه الأخلاقية.
* معرفة أهداف أعدائنا ومخططاتهم والعمل على التصدي لها. ذلك أن معرفة أن كل ما يحدث من حولنا إنما هو بتخطيط واعٍ وتدبير مدروس من القوى الغربية والصهيونية التي لا تريد لراية الإسلام أن ترتفع أبدا، إن معرفة ذلك والوعي به يضعنا جميعا أمام الطريق الصحيح للعلاج.
الاسم : تغريد أحمد الغامدي
الرقم الجامعي: 432028333