معلمو الرياضيات للمرحلة الثانوية: بين الندرة والرغبة.

يشهد تعليم العلوم والرياضيات خطوات محمودة مستمرة تستنسخ التجارب العالمية وتحاول مواءَمتها عبر المحتويات المطورة -في مراحل التعليم العام بالمملكة العربية السعودية- والتي تقوم على أحدث النظريات والاستراتيجيات في مجال التربية والقياس والتقويم (النظرية البنائية، حل المشكلات، الربط بالواقع، التقويم البديل،...)، والحث على التوظيف الأمثل للتقنية ودمجها في العملية التعلمية لتتكامل مع كافة عناصر المنهاج المدرسي.
ويشغل معلم العلوم الطبيعية اهتمام مشروع تطوير العلوم والرياضيات ضمن برامج التطوير المهني من خلال حثه وتكليفه بحضور عدد لابأس به من الدورات التدريبية (الحقيبة الأساسية للسلاسل المطورة، النظرية البنائية والتعلم النشط، استراتيجيات التدريس الحديثة)، وكذلك توفير العديد من أدلة المعلم لكل فصل دراسي ومتابعة وصولها للميدان التربوي.
إلا أن هناك مشكلة عادت للظهور مجدداً هي قلة وندرة معلمي الرياضيات للمرحلة الثانوية الحكومية إما على سبيل التعيين، أو عدم وجود الرغبة لتدريس هذه المرحلة الحساسة التي هي البوابة للدراسة الجامعية التي تأخذ حساسية كل من الطالب والمعلم والأسر المدرسية والتربوية.
فهل نعي أن برامج المسارات العلمية -في كليات المعلمين سابقاً- تم إقفالها بداعي الانضمام لمضلة جامعات وزارة التعليم العالي واقتصار الكليات العلمية فيها على مهمة تخريج المتخصصين في فروع الرياضيات والتخصصات العلمية البحتة الأخرى فقط، مع إمكانية دراسة مقررات تربوية معها أو الالتحاق بعد التخرج بفترة زمنية بدبلومات التربية العامة في الجامعات الحكومية أو الأهلية. فهل جميع الدراسين في هذه الكليات العلمية لديهم الرغبة في الالتحاق بمهنة التعليم؟ وعلاوة على ذلك فإن هناك قلةً في أعداد المتخرجين سنوياً، واستغراقهم للدراسة لفترة تزيد عن المدة النظامية للتخرج!
ليس من الصعب أن نفكر في حلول نفعية تضمن وجود المؤهلين في كافة المراحل التعليمية وخصوصاً المرحلة الثانوية! فأمام صانع القرار ومنفذه في وزارة التربية -وإداراتها التي تتبعها- عقدُ العديد من ورش العمل التي تستهدف مشرفي المواد العلمية بتنوع تخصصاتهم وإشراك عدد مُمثّل من المعلمين باختلاف خبراتهم لمعرفة الأسباب التي تحد من رغبة المعلم نحو تدريس طلاب المرحلة الثانوية (صعوبة المادة العلمية، قلة الخبرة، عدم توفر التقنيات، اتفاق الرواتب في كل المراحل،....)، والمبادرة للقيام بدراسات بحثية تستهدف جوانب المشكلة وتطمح للوصول إلى خطوات عملية إجرائية تزيد من رغبة و كفاءة معلم الرياضيات الجاد تربوياً وعلمياً ومهارياً.
* مكتب التربية والتعليم بالروضة (إدارة تعليم الرياض)