في البداية لا بد من تهنئة جميع القراء الكرام بحلول شهر رمضان الكريم الذي أوله رحمه ، وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار .
يترقب الملايين من المسلمين في جميع أنحاء العالم قدوم هذا الشهر ، لما يحمل من خيرِ ومحبة و مغفرة وتسامح ، تسامح سياسي وديني واجتماعي ، شهر يتسابق فيه الناس لنبذ الأحقاد والضغائن والوصول إلى حالة المحبة والتآخي التي أعدها الله في هذا الشهر الفضيل .
هذا الشهر تُفتح فيه أبواب السماء وتُصفد فيه الشياطين ، وهو شهر التجارة مع الله التي تبقى معك حتى تلقى الله تعالى في يوم الميعاد .
هذا الشهر فيه سُنة الاعتكاف وليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف ِ شهر .. عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : « اعتكفنا مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- العَشْرَ الأوسَط ، فلما كان صبيحة عشرين ، نقلنا متاعَنا ، فأتانا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : من كان اعتكف فلْيرجِعْ إلى مُعْتَكَفِة فإني رأيتُ هذه الليلة ، ورأيتُني أسجدُ في ماء وطين ، فلما رجع إلى مُعتَكَفة هاجتِ السَّماءُ ، فو الذي بعثه بالحق ، لقد هاجت السَّماء من آخر ذلك اليوم ، وكان المسجد على عَريش ، فلقد رأيتُ على أنْفِه وأرْنَبَتِه أثَرَ الماءِ والطين ».
وفي رواية نحوه ، إلا أنه قال : « حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين - وهي الليلة التي خرج في صبيحتها من اعتكافه - قال : من كان اعتكف معي فليعتكف العَشْرَ الأواخِرَ » وفي أخرى نحوه ، إلا أنه قال : « كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُجاوِرُ في رمضان العَشْر التي في وسط الشهر ، فإذا كان حين يُمْسي من عشرين ليلة تمضي ، ويستقبل إحدى وعشرين ، رجع إلى مسكنه ، ورجع من كان يُجاورُ معه ، وأنه أقام في شهر جاور فيه الليلة التي كان يرجع فيها ، فخطب الناسَ ، وأمرهم بما شاء الله ، ثم قال : كنت أجَاورُ هذه العشر ، ثم بدا لي أن أجاوِرَ هذه العشر الأواخر ، فمن كان اعتكف معي فل يلبثْ في مُعْتَكَفِة... ثم ذكره » وفيه : « فوكَفَ المسجد في مصلَّى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ليلة إحدى وعشرين... الحديث ».
وفي رواية قال أبو سلمة : « انْطَلَقْتُ إلى أبي سعيد ، فقلت : ألا تخرج بنا إلى النخل فنتحدَّث ؟ فخرج ، فقلت : حدِّثْني ما سمعتَ من رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في ليلة القدر ، قال : اعتكف رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- العَشْرَ الأول من رمضان ، واعتكفنا معه ، فأتاه جبريلُ عليه السلام ، فقال : إن الذي تطلب أمامَكَ ، فاعتكفَ العَشْرَ الأوسَطَ ، واعتكفنا معه ، فأتاه جبريلُ عليه السلام فقال : إن الذي تطلب أمَامَك ، ثم قام النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خطيبا صبيحةَ عشرين من رمضان ، فقال : من كان اعتكف مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فليرجع ، فإني رأيت ليلة القدر ، وإني أُنْسِيتُها ، وإنها في العَشْرِ الأواخِرِ في وتر ، إني رأيتُ كأني أسجد في طين وماء ، وكان سَقْفُ المسجد جريدَ النَّخْل ، وما نرى في السماء شيئا ، فجاءتْ قَزَعة فمُطِرْنا ، فصلى بنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حتى رأيتُ أثر الطين والماء على جبهة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأرْنَبَتِه ، تَصْدِيقَ رؤياه ».
هذا الشهر فيه تحصيلٌٌ للتقوى وللقوة في إضعاف وازع الشيطان وتقوية وازع الرحمن ، شهرُ يزيد فيه الشعور بحالة الفقراء والمساكين ومواساتهم بما يقلل من احتياجاتهم .
وأختم مقالي بهذا الدعاء .. اللهم اجعل صيامنا فيه صيام الصائمين ، وقيامنا فيه قيام القائمين ، ونبهنا فيه عن نومه الغافلين ، واعفُ عنا يا عافيا عن المجرمين .
تركي محمد الثبيتي
[url]https://twitter.com/trk1400[/url]
- - - - - - - - - - - - - - - - -
تم إضافة المرفق التالي :
تركي الثبيتي 3.jpg