فيما لا تزال معرفة الكثيرين حول علم الاستشعار عن بعد بتطبيقاته وتقنياته الحديثة المختلفة تدور حول مفهوم أساسي، وهو جمع واستخلاص المعلومات والبيانات من مسافة (بعد)، أصبح الاستشعار عن بعد اليوم علماً له أصول ومستلزماته وهو فن وتقنيات تزاوج بين بساطة فكرته وعظمة أدوراه واتساع استخداماته.
إن الاستشعار عن بعد علم يهتم بتطوير وسائل التصوير والقياس واستخدام التقنية لتحليل وتفسير الظواهر للحصول على معلومات وبيانات مفيدة سواء كانت حول جسم أو ظاهرة ما من مسافات أو ارتفاعات مختلفة باستخدام أجهزة تحسس واستشعار متنوعة ودقيقة عن طريق استخدام الموجات الكهرومغناطيسية المنعكسة أو المنبعثة من الأجسام الأرضية أو من الجو أو مياه البحار والمحيطات بينما تكون أجهزة التقاط الموجات على الأقمار الصناعية أو الطائرات أو البالونات.
واليوم تستخدم تقنيات علم الاستشعار عن بعد لحماية الإنسان وأخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة والمسبقة لحماية الأرواح والممتلكات من خلال استخدامه في كثير من المجالات العلمية والتطبيقية منها: المجال الزراعي، في مجال الجيولوجيا، في مجال التربة، في مجال الخرائط، في مجال حماية البيئة ومراقبة التغيرات البيئية ومكافحة التلوث وتأثير الطبيعة على الإنسان، في مجال الآثار، في مجال الملاحة الجوية والبحرية، في المجال العسكري، في مجال الحد من الكوارث والمخاطر الطبيعية التي من صنع الإنسان، في مجال الأرصاد الجوية والمناخ وكذلك للحصول على معلومات من اجل الدراسات والأبحاث في مجالات علمية معينة.
وفي هذا الجانب، وضمن جهود سد النقص الواضح حول هذا العلم وتلك التقنية في المكتبة العربية، فقد صدر حديثاً كتاب مرجعي متخصص في الاستشعار عن بعد باللغة العربية بعنوان (مقدمة في الاستشعار عن بعد ومعالجة الصور رقمياً) للمؤلف السعودي الدكتور علي بن إبراهيم العمران، ويستهدف هذا الكتاب طلبة الدبلوم، والبكالوريوس، وما بعد البكالوريوس في المعاهد والجامعات في عدة مجالات، مثل الجغرافيا، والجيولوجيا، والهندسة المساحية.
ويقدم هذا الكتاب ذي الثمانية فصول والمائتين واثنتين وسبعين صفحة من القطع الكبير – مبادئ وأساسيات الاستشعار عن بعد، شاملا ذلك تعريفاً بالأقسام الرئيسة في الطيف الكهرومغناطيسي؛ ومفهوم التصوير الرقمي؛ وخصائص الصورة الرقمية؛ وعمليات المعالجة الرقمية الأولية للصور الخام، شاملاً ذلك التصحيح الإشعاعي الجوي والطبوغرافي وخصائص وأهمية نموذج الارتفاعات الرقمية (DEM) في عملية التصحيح الطبوغرافي، والتصحيح الهندسي بعدة طرق. كما يناقش الكتاب عمليات المعالجة الرقمية المتقدمة، شاملاً ذلك تحسين الصور (تحسين التباين، والتحسين المكاني بالمرشحات في النطاق المكاني والنطاق الترددي).
ويغطي الكتاب الصادر في طبعته الأولى، كذلك معالجة الصور متعددة المصادر (موزايك الصور، ودمج الصور مختلفة درجات الوضوح، وتحديد التغيرات بين صور مختلفة أزمنة الالتقاط، الخ)، طرق ومراحل تصنيف الصور، طرق وخطوات تقييم دقة التصنيف لخرائط الغطاء الأرضي، الاستشعار عن بعد كثيف الأطياف والميزات والسلبيات التي تقدمها صوره مقارنة بالصور متعددة الأطياف التقليدية.
أما الاستشعار عن بعد الإيجابي بموجات الميكروويف (الرادار) فقد تم تناولها كذلك في هذا الكتاب، شاملاً أنوا ع أنظمة الرادار؛ ونظام رادار الرؤية الجانبية (SLR) ورادار فتحة الإغلاق الاصطناعية (SAR)؛ وتفسير صور الرادار؛ وغيرها من الموضوعات الفنية والعملية عن تلك تقنية الحديثة.
ومؤلف الكتاب الدكتور على العمران تمتد خبرته العملية لأكثر من 27 عاماً، وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة من جامعة الملك سعود، والماجستير من جامعة وسكونسن- ماديسون بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1995م، والدكتوراه من جامعة نوتنجهام بالمملكة المتحدة، ويعمل منذ عام 1986م في مجال المساحة والمعلومات والخدمات الجيومكانية، ومنها الاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية، وشارك في العديد من اللجان وفرق العمل الوطنية المتخصصة وذات العلاقة.
والجدير بالذكر أن الكتاب حظي بإشادة وتقدير عدد من المسؤولين والأكاديميين والمتخصصين في المملكة وبعض الدول الخليجية والعربية من الذين أطلعوا عليه وأجمعوا على عمق وتميز موضوعه وشموله ودقة وثراء معلوماته وحرفيته العالية، واعتبروه من بين أهم وأفضل الكتب والمراجع العربية في هذا المجال، والذي سيثري المكتبة الجغرافية والهندسية والمساحية التي تفتقر وبشدة لمثل هذا النوع من المصادر والكتب التطبيقية.
27/10/2013
الاستشعار عن بعد.. علم وفن وتقنية تصنع المستقبل
وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.m3llm.net/76321/