أقر مسؤولون في وزارة التربية والتعليم، بانخفاض حاد في مستوى إتقان الطلاب والطالبات مهارات اللغة العربية، ملقين اللوم على ظهور “لغات هجينة” من دول أخرى اختلطت باللغة العربية بحكم التقدم التقني؛ فكان دورها سلبيا في التأثير على سلامة الفصحى.
وطالب المسؤولون بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية أمس، المعلمين والمشرفين التربويين الإخلاص في تدريسها، وأن يكونوا قدوة لطلابهم في الحديث والتخاطب بها داخل المدرسة.
وأكد الدكتور حمد آل الشيخ نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنين، أهمية تمكين الطلاب والطالبات من مهارات اللغة العربية قراءة وكتابة وتحدثاً وفهماً واستيعاباً، وبذل المزيد من التركيز والعناية بتدريسها وتوظيف المناهج الحديثة لخدمتها، والتأكد عملياً من إتقان مهارات الكتابة الصحيحة والتعبير السليم.
وقال آل الشيخ خلال اللقاء الذي أقامته “التربية” احتفاء باليوم العالمي للغة العربية أمس، إن هناك ثمة إشارات على انخفاض مستوى إتقان الطلاب والطالبات مهارات اللغة العربية، مبيناً أن المسؤولية تقع على الجميع تجاه هويتنا ولغتنا، معتبراً اللغة العربية أساسا ركينا من أسس هويتنا الوطنية ووجودنا وبقائنا وتطورنا، كونها نزل بها أشرف الكتب وختمت بها أجل الرسالات، ودون بأحرفها وكلماتها إرثنا الديني والحضاري والفلسفي والعلمي والتاريخي.
وأشار نائب الوزير إلى مبادرة وزارته بإنشاء مدرسة خادم الحرمين الشريفين الافتراضية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها كمشروع تم تسكينه في مركز الملك عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة، مبيناً قيام الوزارة بتنفيذ برامج لتعليم اللغة العربية في مدارس وأكاديميات السعودية في الخارج، وأنها تأتي من ضمن اهتمامات الوزارة للتأكيد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية وتعلمها.
وأضاف آل الشيخ: أن اللغة العربية هي الأداة التي نقلت الثقافة العربية عبر القرون، وعن طريقها اتصلت الأجيال العربية جيلاً بعد جيل، وبها توحد العرب قديماً، وبها يتوحدون اليوم، ويؤلفون في هذا العالم رقعة من الأرض تتحدث بلسان واحد، وبها تصوغ أفكارها وقوانينها وتعبر عن تلاحمها في لغة واحدة، رغم تنائي الديار واختلاف الأقطار وتعدد الدول”.
من جانبها، قالت نورة الفايز نائب وزير التربية والتعليم، إن الاحتفاء باللغة العربية هو احتفاء تقدير وانتماء وتذكير بأهمية الإلمام بها وبما تحويه من فنون وما تتميز به من جمال، مشيرة إلى أنها أكثر اللغات ثراء وقدرة على التعبير ينظم بها الشعر وتحكى القصص، كما تستوعب في مرونتها الدراسات والبحوث العلمية ولم تعجز مفرداتها عن الإحاطة بما يعيشه العالم اليوم من تقدم تقني وانفجار معرفي.
وتمنت الفايز ألا يقتصر الاهتمام باللغة العربية في هذا اليوم فقط، بل يمتد طوال العام، مؤكدة أهمية تفعيلها في الميدان التربوي عن طريق الإخلاص في تدريسها وغرس محبتها وأهميتها في نفوس الطلاب والطالبات من قبل المشرفين والمشرفات والمعلمين والمعلمات، وأن يكونوا قدوة لطلابهم في الحديث والتخاطب بها داخل المدرسة.
ودعت نائب الوزير لشؤون البنات إلى أهمية تفعيل “الفصحى” عن طريق المسابقات التي تستهدف جميع فئات الميدان وتكشف المواهب المبدعة وتشجعها وتسخرها لخدمة اللغة العربية، وأن يكون تفعيلها بإقامة المعارض المختلفة للكتب والمأثورات الأدبية.
وقالت إن الجزء الأكبر من مسؤولية حفظ ومكانة اللغة العربية يقع على كل من التربية والإعلام، الأمر الذي يجعلنا في وزارة التربية والتعليم نستشعر المسؤولية العظيمة في استعادة وهج اللغة العربية في قلوب وعقول وألسنة الناشئة.
وفي الشأن نفسه أوضح الدكتور عبد اللطيف العوفي المستشار والمشرف العام على العلاقات العامة والإعلام في الوزارة، أن دور الإعلام في تقوية أو إضعاف اللغة العربية، مبيناً أن اللغة العربية باقية ما بقيت البشرية، وأن العلاقة بين اللغة والإعلام هي علاقة تأثر وتأثير، مؤكداً أهمية الاعتزاز باللغة العربية.
وأشار العوفي إلى ظهور لغات هجينة تحمل طابع الأصول التي تنتمي إليها، والتي انتشرت بحكم التقدم التقني ودورها في التأثير على سلامة اللغة العربية، حيث أدى ظهور القنوات الفضائية، وحقوق الإنسان، والأصوات التي تنادي بالاستقلالية وأحقيتها في الخطاب إلى أن يصبح لكل مجموعة لغتها الخاصة التي تريدها وتفهمها.
بينما رأى الدكتور عبد الله الوشمي الأمين العام لمركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية، أن وزارة التربية والتعليم لها جهودها الواضحة لخدمة اللغة العربية، مشيراً إلى تطلعات مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية بالشراكة مع التربية والتعليم في تقديم كل ما من شأنه أن يكرس منهجها الدائم كونها جزءا رئيسا من حراكنا.
إلى ذلك تخوف الدكتور عبدالله العفيص مدير عام الموهوبين، من ظاهرة “العربيزي”، باعتبارها أصبحت منتشرة بقوة، وكيف كانت نشأتها مواكبة لظهور مواقع التواصل الاجتماعي، مبيناً الآثار المترتبة عليها، مشدداً على خطورتها على الأجيال المقبلة، التي ربما تفصلها عن لغتها ودينها وتراثها، منوهاً بدور المؤسسات التعليمية والتربوية والعامة في المجتمع لمعالجة هذه الظاهرة.