لجأت خريجات جامعيات، بعد أن طال بهن الأمد في انتظار وظائف التعليم، إلى إعطاء «الدروس الخصوصية» خلال موسم الاختبارات والإجازة الصيفية، علَّها تحميهن من ذل الحاجة، ورغم رفضهن من المجتمع، وتفضيل الأجنبيات عليهن، إلا أنهن اعتبرن هذه الوظيفة مصدر رزقهن الوحيد واليسير.
أفيد وأستفيد
وذكرت حسناء سالم -خريجة بكالوريوس كيمياء- بتقدير ممتاز، أنها انتظرت طويلاً لتحصل على وظيفة تعليمية، ولكن دون جدوى، وبعد أن طال انتظارها لم تجد غير استغلال حبها للكيمياء في إعطاء الدروس الخصوصية خلال الإجازة الصيفية، لتفيد من حولها وكذلك تستفيد، مبينة أن كثيراً من الأهالي يبحثون عمَّن يعطي أبناءهم دروساً خلال الإجازة، ليشغلوا أوقاتهم فيما يفيدهم، منوهة بأنها تتقاضى على تدريس كتاب الكيمياء 150 ريالاً، ولجميع المراحل.
غير تربوية
وتخرجت فاطمة محمد من مكة المكرمة عام 1427هـ في كلية العلوم قسم نبات وأحياء دقيقة بتقدير جيد جداً، وتزوجت واختلفت عليها ظروف الحياة وبدأت في البحث عن وظيفة من خلال التقديم في وظائف التعليم من الخدمة المدنية وجدارة، وأضافت «أنا من أوائل المتقدمات لكل وظيفة تُطرح، كما قدمت على عدد من المدارس الأهلية، ودائماً ما يكون الرفض حليفي بحجة أن شهادتي غير تربوية، وبعد أن أنجبت ازدادت ظروف الحياة قسوة فاضطررت لأن أعمل على وظيفة مساعدة ممرضة في عيادة أسنان، وكان الدوام مدة ثماني ساعات وبراتب 1200، وكان قليلاً مقابل المجهود الذي أبذله، ونصحني دكتور في العيادة بأن أعادل شهادتي لتصبح شهادة صحية، فرفضت وزارة الصحة معادلة الشهادة لأن شهادتي نبات وأحياء دقيقة وليس أحياء دقيقة فقط، فبقيت شهراً واحداً وبعد ذلك تركت المستشفى لأعود للتقديم على وظائف التعليم الحكومي والأهلي، ولكن لم يشأ الله أن أحظى بها، ولأن وظيفة زوجي حارس أمن، لم أجد غير إعطاء الدروس الخصوصة، بمبلغ لا يزيد على مائتي ريال للكتاب الواحد».
مصريات وسودانيات
وقالت بألم «لم أبلغ أحداً ممن حولي بعملي كمدرسة دروس خصوصية لأنني لن أسلم من ألسنتهم، حيث سينتقدون عملي، ووصلني أن هناك من قال عن زوجي بأنه (ليس رجلاً) لأنه سمح لزوجته بالذهاب لـ(بيوت الناس)! مع العلم بأنني لو طلبت مساعدتهم يعتذرون لأنهم يخافون من عدم الوفاء بدَينهم».
وعن تقبُّل أهالي الطالبات لها، قالت «بعضهم متفهم، وبعضهم لا، وكثير منهم حين يعلمون أني سعودية يعتذرون بحجة أن السودانيات والمصريات أفضل في التدريس، ويطلبون أن تكون المدرسة الخصوصية متفرغة تماماً، ولا يتقبلون أي عذر للتأخير، حتى وإن مرضت أو مرض أبنائي أو حدث لي أي طارئ، وبعضهم يعتقد بأني اتخذت هذه المهنة لأجني الذهب، ولا يدرون أني لم أجد غيرها، كما أتألم حين يقولون بأني (طمَّاعة)، خاصة وأني أسعاري زهيدة جداً بالنظر لباقي المدرسات».
قاربت الأربعين
فيما بيَّنت مصباح حسن -خريجة دراسات إسلامية بتفوق- والثالثة في الامتياز على دفعتها، أن الحاجة دفعتها لإعطاء الدروس الخصوصية، خاصة مع شح الوظائف، مشيرة إلى أنها تتقاضى على الكتاب الواحد مائتي ريال، وقد أعطت الدروس طوال العام الدراسي لأربع طالبات، غير أن والدها أخذ النصيب الأكبر من المئات المعدودة التي حصلت عليها، مشيرة إلى أنها تفكر في العودة للتدريس مجدداً، خاصة أنها مطلقة، وقاربت الأربعين عاماً وهي تنتظر الوظيفة.