
انقضت الإجازة الصيفية بيسر وسهولة وهانحن على أعتاب عام دراسي جديد مليء بالجد والعطاء والإنتاج ولايخفى على الجميع أهمية التعليم لأي أمة للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة ولم تبخل وزارة التعليم بالنهوض بالعملية التعليمية وتطوير الكوادر التعليمية ووضع البرامج التي تحقق رؤية المملكة وتدعم خطة التحول الوطني .. ياتي بالمقابل دور الأسرة والمدرسة والطلاب أنفسهم؛ فحتى نحقق الأهداف المرجوة لابد من التكامل بين جميع الأطراف؛ فالأسرة يتوجب عليها غرس الصورة الذهنية الإيجابية عن أنفسهم أو عن مستقبلهم ولايخفي علينا تأثير التوقعات على الطلاب فمقدار ما يتعلمه ويستوعبه الطلاب يتوقف على توقعات من حوله خصوصا الأسرة ولنا خير مثال لذلك رؤية أم محمد الفاتح وقولها له وهو ابن السابعة: ((تلك القسطنطينية وإنك إن شاء الله فاتحها)).
ليس ذلك فحسب بل يتوجب على الأسرة غرس قيمة المواطنة الصالحة في أبنائها واستشعار نعمة الأمن والأمان واستشعار دور الحكومة الرشيدة في إتاحة التعليم المجاني وبرامج الابتعاث والجامعات والتعليم العام، مما ساهم في إعداد وتخريج كوادر وطنية يسهمون في خدمة هذا الوطن ،ولا يفوتنا أهمية دور الأسرة في توفير البيئة الدراسية المناسبة داخل البيت ، وعلى الوالدين تربية أبنائهم على تقدير المعلم واحترامه وعدم هتك ستار الهيبة والأحترام فإن إهانة المعلم إهانة للعلم والتعليم وإن رآى الوالدان مايزعجهم من المعلم ماعليها إلا التوجه للمدرسة والقاء المعلم ومصارحته بما فيه نفسهيما من ملاحظات ومكشفات والمعلمون صدورهم تتسع لملاحظات أولاياء الأمور فلايمكن أن نعلو على الأمم واخلاقنا مع من يعلمون أبناءنا لا تليق بهم ولا تنزلهم منازلهم اللائقة بهم
أين نحن من قصة هارون الرشيد الذي حكم نصف العالم و يطلب من الإمام العالم الأصمعي أن يؤدب له ولديه وأن يعلمهما ، وفي ذات يوم مر هارون الرشيد فرأى الأصمعي يغسل قدمه والذي يصب له الماء هو ابنه ، ابن هارون هو الذي يصب للأصمعي
الماء حتى يغسل الأصمعي قدمه .. طلب هارون الرشيد الأصمعي وقال له : إنما طلبناك حتى تعلم ولدي وأن تؤدبهما وكان يجدر بك أن تأمر ولديّ أن يصب الماء بيد وأن يغسل قدمك باليد الأخرى.
ولتحرص كل أسرة على تعليم أبنائها الوفاء يقول الإمام أحمد بن حنبل :(ما بت منذ ثلاثين سنة إلا وأنا استغفر
للشافعي ، وأدعوا له ) هذه هي المواقف العظيمة والوفاء الحقيقي الذي يجب أن نعلمه لابنائنا.
أما مايخص المعلم فهو الباني الحقيقي للعقول ، ومنارة المستقبل ، فالمعلم الذي يتمتع بخصائص شخصية مرغوبة يكون أكثر قدرة على إحداث تغيرات في سلوك طلابه فالتربية بالقدوة لذلك يحرص المعلم المتميز على إحداث تغيير في طلابه وترك الأثر الجميل في نفوسهم ويحرص على بناء شباب هذا الوطن يعلمهم كيف يقودون ويوجهون أنفسهم الوجهة الصحيحة ،ويحرص على تطوير قدراتهم والإلمام بكفايات مهارات القرن الواحد والعشرين في التعليم والإلمام بالطرائق الحديثة والتقنيات والأستراتيجات المواكبة لهذا العصر في التعليم فمن لايتقدم يتقادم ، ليس ذلك فحسب بل إن دور المعلم أكبر ؛ ولعلي أشدد هنا على دوره ليس في طلابه فقط بل في ردم الفجوة بينه وبين الوزارة فلانكاد نسمع بقرار جديد إلا وانطلقت رسائل الرفض والسخرية والعديد من الرسائل السلبية التي تعج بها وسائل التواصل الإجتماعي وبعض الحسابات التي تثير الفتنة وتزيد الفجوة اتساعا فعلى المعلم العاقل إدراك دوره الحقيقي وعدم الانسياق خلف من يشعل فتيل الفتن في هذا الوطن ، فلاتحل القرارات بهذه الطريقة ولن تجدي نفعا .. إذا التعقل مطلب ضروري ولنتعلم ثقافة الامتنان .. كن مؤتمنا على ما أتمنت عليه عزيزي المعلم وابتعد عن صف الناقمين السلبين المتذمرين الذين لايرضيهم شيئا ولايهدا لهم بال إلا بنشر الرسائل السلبية من حولهم .
إن الشخصية التربوية المتزنة والمحترمة للمعلم مطلب مهم لتحقيق أجلّ وأنبل رسالة والتي تتطلب من المعلم صبرًا، وأمانة، ونُصحًا، ورعاية لِمَن تحته، ولنا في رسول الله أسوة حسنة في استنباط صفات المعلم المؤثر واخيرا يأتي دورك أيها الطالب
فأنت المحور الأساسي في العملية التعليمية وأنت الركيزة الهامة في التعليم فتصدر القرارات وتغير المناهج وتعدل الأنظمة وتوضع البرامج كلها من أجلك ومن أجل مستقبلك فاعلم ؛ أيها الطالب أنك حجر بناء هذا الوطن الغالي ، فابدأ عامك الدراسي برسم أهدافك في سماء التميز وخط عنوانك النجاح ، وتذكر قول ابن القيم رحمه الله : ” النجاح ليس كل شيء إنما الرغبة في النجاح هي كل شيء ”
وتذكر أن دعم الآخرين لك ومساندتهم في مسيرتك التعليمية مهم جدا ولكن الدور الرئيسي يقع على عاتقك فأنت من يحدد نجاحه وفشله وأنت من تحقق طموحاتك أو العكس وتذكر ؛ بالعزيمة والإصرار والرغبة تحقق كل ماتريد يقول ابن القيم رحمه الله:
“لو أن رجلاً وقف أمام جبل، وعزم على إزالته لأزاله”
بقلم : فوزية دخيل الطواله