
كشف رئيس قطاع التعليم والمهارات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية السيد أندرياس سليشر أن الفروق الفردية والثقافية للطلاب لا تعني أنهم لا يملكون هوية خاصة، فأكبر الشركات المبدعة في العالم نشأت من أفكار عظيمة ولم تنشأ من الأموال. وأشار أندرياس في الجلسة الافتتاحية لمنتدى التعليم الدولي الذي تقيمه وتنظمه وزارة التعليم بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى عدد من المؤشرات الحيوية والمهمة في ورقة قدمها بعنوان: “تهيئة الطلاب إلى المستقبل”، والتي بدأها بالشكر لمعالي وزير التعليم لإحضاره المعلمين من الداخل ومن الخارج ليتعرفوا كيف يجهزوا المتعلمين من الطلاب لمستقبلهم بدلاً من انغماسهم في ماضيهم؟ وأضاف أن المتعلمين يأتون من خلفيات ثقافية مختلفة ومتعددة ولكن لديهم رؤية مشتركة وما يجب أن نفعله لأجلهم هو أن نضمن التعليم المتميز لهم ليكونوا قادرين ولديهم الجاهزية للتغيير العالمي ، ولا يوجد طرق محددة لعملية تحسين التعليم ولكن بعد انتشار التقنية منذ عام 2002 ومارافقها من سرعة انتشار المعلومات، مشيراً إلى أن محرك البحث “قوقل” به 50 ألف إجابة لسؤال ما، ولكن لا نجد من يخبرنا أنها حقيقية، ما يجعل هناك أهمية لأن يكون المتعلمين ممن يستخدمون منطق المفكرين والعلماء في استخلاص النتائج الحقيقية، فالعالم الافتراضي الآن أصبح كالماء الذي نشربه والوقت الذي يقضيه الأطفال والطلاب على الأنترنت كبير جداً، لذا يجب أن نجهز أبناءنا لذلك فهو العالم الواقعي الآن .
وذكر أن عدد ساعات التعليم في فنلندا تصل إلى نصف عددها في عدد من الدول، ما يعني أنه لا أهمية للكم العددي وإنما للجودة والنوعية، لافتاً إلى أهمية جودة التعليم، وهو الأمر الذي يجب أن يتم في الساعات التي يقضيها الطلاب في التعلم وتبرز الأهمية في أن ننتقل بالطالب من البحث عن المعرفة إلى إنتاج وخلق المعرفة والرقمنة التي يتشارك بها جميع المتعلمين الآن في العالم.
وأوصى بالاهتمام بالجانب الإيجابي من التقنية وتوجيه الطلاب له ليمنحهم الفرص الجيدة ليستفيدوا منها، خصوصاً أن التقنية قد تؤدي إلى الانحدار إذا لم يتواكب معها تنمية المهارات الاجتماعية التي تجعل الإنسان يتفاعل جيدا مع ما يحيط به وهذا يتطلب أن يديرها معلمين متخصصين ومتفهمين وقادرين على قيادة طلابهم للأفضل . وتطرق سليشر إلى أمثلة عدة، ومنها أن طلاب الصف الرابع في المدارس السعودية يقبلون جيداً على مادة العلوم ولكن الأمر يختلف حين يصلوا للصف الثاني متوسط فقد يكرهون المادة، والفارق أنه يجب أن يوضع لهم فرصة الاكتشاف وتنمية هذه المهارات التي ترفع القيمة الفعلية للتعليم، والمعرفة البشرية والأخلاق والإبداع مع التصميم والاستدامة، والتركيز على الذكاء الاصطناعي الذي يدفع الطلاب أكثر من المعرفة على الفهم العميق، فدروس التاريخ لا يجب أن تكون أحداث وشخصيات فقط، وإنما فكر وفلسفة ورياضيات.
وأكد على أهمية الجوانب العاطفية والاجتماعية التي أُكتشف مؤخراً أنها تحفز على التعامل مع الشك والريبة والتساؤلات لدى الطلاب، مشيراً إلى أهمية أخرى للسلوكيات التي يجب أن لا تكون ضمن نطاق الأسرة فقط، والتي انتبهت إلى أهميتها دولة سنغافورة، وجعلت مناهجها تتضمن القيم التي تريد زرعها في طلابها مثل الشجاعة والقيادة.
وتضمنت ورقة سليشر أهمية أن تتحقق قيم العدالة والمساواة بين المتعلمين مهما كانت ظروف البيئة التعليمية، وهذا هو التحدي الحقيقي لجودة التعليم وتحقيق قيمته، وأن يكون هناك أهمية لنوع التعليم والتوجه للتعليم التشاركي والتعاوني الذي يحقق المنافسة والاستدامة وينمي التفكير ويثير التساؤلات والتفكير النقدي، وأن يكون هناك توجه لمحو الأمية الرقمية وتعليم الأطفال الميزانية المالية التي تتيح نماء العقل واستحداث التقنيات التي لم تستخدم بعد، وحل المشكلات مع بعضهم وليس بمفردهم. ولفت إلى أهمية أدوار أولياء الأمور، كون الطفل الذي يحظى بأسرة جيدة ومتعلمة لدية فرص أفضل للتعلم. وأكد على أهمية نظرة المعلم لمهنته واحترامها، وأن أفضل لتطوير القدرات لدى المعلم أخذ التجارب من الآخرين وتبادل الخبرات معهم، وهذا يتحقق الآن من خلال المنتدى التعليمي فهو فرصة حقيقية للإثراء المعرفي.