
ترأس الأستاذ نايف بن سلطان الهاجري مدير التعليم بمحافظة بيشه أولى جلسات اليوم الختامي ، ضمن فعاليات الملتقى العلمي السنوي لشراكة المدرسة مع الأسرة والمجتمع الذي رعاه معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى أمس بحضور عدد من الخبراء و المتحدثين المحليين والدوليين في شراكة المدرسة مع الأسرة والمجتمع .
استهلت أولى جلسات اليوم الثاني باستعراض التجربة اليابانية في الشراكة بين المدرسة والأسرة من خلال عرض الوضع الحالي لأصحاب المصلحة الثلاثة الرئيسين ( المدرسة ، الأسرة ، المجتمع) ، وأبرز التحديات التي تواجه هذه الشراكة والتي ألقاها الخبير الياباني (Dr. Keiichi ogawa) عضو مجلس إدارة اليونسكو أمين عام مجلس إدارة الجمعية اليابانية للتنمية الدولية ، وركزت على التعليم الياباني الإلزامي المجاني ( من الصف الأول إلى التاسع).
وأوضح Keiichi أن تطوير رأس المال البشري ساهم من خلال التعليم والتدريب في تعزيز التنمية الاقتصادية ،والاجتماعية كونه أحد العوامل الرئيسة لتقدم اليابان ، خصوصاً أن اليابان لا تمتلك موارد طبيعية كثيرة ، ومع ذلك إذا نظرنا إلى معدل إنفاق الحكومة اليابانية على قطاع التعليم ، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ، فإنها ليست مرتفعة جداً مقارنة ببلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى.
وأضاف أن تطوير الموارد البشرية في اليابان تعد ذات كلفة معقوله ، ولكن الأسرة تلعب دوراً مهماً في قطاع التعليم ، ليس فقط من الناحية المالية فقط ، ولكن من جوانب أخرى .
وذكر أن الحكومة المركزية في اليابان تبنت عدة مبادرات كمبادرة ( المدرسة المجتمعية ) التي تركز على جودة منظومة التعليم ، وعلى نجاح مساهمة الاقتصاد في التعليم ، حيث تنفق اليابان على التعليم الأساسي مشيراً إلى أن المراحل التعليمية في اليابان تتكون من (6) سنوات للمرحلة الأساسية ، و(3) سنوات للمرحلة الثانوية ، تليها المرحلة الجامعية ، وقال oqawa إن اليابان حققت تقدماً ملموساً في جانب تطوير الموارد البشرية منذ تجاوزها أزمة الحرب العالمية الثانية ، وأن تدريب الموارد البشرية لا تضطلع به وزارة التعليم حيث يتم بالشراكة مع وزارة العمل .
وألمح إلى وجود فجوة في التعليم بين الذكور والإناث من حيث الأداء التعليمي حيث تتفوق الإناث في المواد القرائية ، فيما يتفوق الذكور في مادة العلوم ، والرياضيات .
وأكد أن الحكومة المحلية تنفق أموالاً طائلة على مراحل التعليم الأساسي في حين يتقلص هذا الانفاق في مراحل متقدمة من التعليم حيث يسمح للقطاع الخاص بأن يساهم ، الأمر الذي جعل اليابان لا تنفق ميزانيات ضخمة على التعليم بعكس معظم الدول .
واختتم oqawa ورقته بعرض ملامح الشراكة بين المدرسة والمجتمع الياباني مؤكداً أنها شراكة تقليدية مع أولياء الأمور عبر رابطة ( المعلم وأولياء الأمور) حيث لا يوجد مشاركة للطلاب ، مشيراً إلى أن مشاركة أولياء الأمور تقتصر على المشاركة في الأيام الثقافية والرياضية ، وأن العام الدراسي في اليابان عبارة عن (3) فصول تكون فيها المدارس مفتوحة طوال العام لاستقبال الأسر ، ومراقبة وملاحظة تجهيز القاعات التي سيدرس بها أبنائهم ، كما أن المعلمين في اليابان يقومون مع كل بداية عام دراسي بالتواصل مع الطلاب من خلال زيارات منازلهم والتعرف على أوضاع الطالب اجتماعياً قبل تدريسه .
كما قدم خبير الجودة في المنظومات التعليمية الدكتور رياض بن علي الجوادي خلال الجلسة ورقة عمل عن التجارب العالمية في الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع استعرض فيها عدد من التحديات لتجارب عدد من الدول المتقدمة في أسس الشراكة بين المدرسة والأسرة ، وقال إن عدد من هذه التجارب توصلت لقناعة ضرورة تدخل الأسرة والمجتمع لصناعة الإنسان ، مشيراً إلى أن معظم هذه التجارب تعرضت لعدة عوامل مؤثرة كالتدريب والتأهيل ، وصناعة الوعي ، والتحدي الثقافي الذي يعتبر أخطرها على حد تعبيره .
وأضاف بالنظر للتجربة الفلندية نعلم أن الأطفال يفعلون ويتصرفون بشكل أفضل ، ويكونون أكثر سعادة في المدرسة حين يعمل الآباء والمعلمون معاً وبشكل وثيق ، وحين يكون الآباء والأمهات قادرين على توفير الدعم لأطفالهم في المنزل .
في حين دعت التجربة السنغافورية إلى أهمية الشراكة لكل الأطراف ( طلاب ، وأسر ، ومدرسين ، ومجتمعات محلية) ، وأن فوائد الشراكة لا يجنيها الطلاب فقط في تحسن أدائهم ، بل تجنيها المدرسة عموماً في وجود مساعدين غير رسميين يسدون الثغرات التي قد يتركها نقص الموظفين أو انشغالهم بمهام أخرى .
وعن تجربة المدارس في إيرلندا أكد د. رياض أن إيرلندا تنفذ مشروع الشراكة التربوية للأسرة ، والمدرسة ، والمجتمع (fscep) مع خمس مدارس على مدى أربع سنوات ، حيث توصل فريق البحث بعد تقييم التجربة وجمع البيانات وتحليلها إلى عدة نتائج منها تعزيز المشروع ببيئات التعلم في المدارس ، ودعم أطرافه ، وأثر المشروع على البيئية التعليمية للمنازل من خلال الاعتراف بمواهب الآباء ومهاراتهم ، والمجتمع من خلال إقامة شراكات استراتيجية بين المدارس ، والمنظمات المجتمعية .
وأوضح أن التجربة الفرنسية قيمت من أجل تعميق الشراكة مع الأسر لمساعدة الطلاب ذوي الصعوبات حيث حقق 40% من الطلاب المعنيين تقدماً، بالإضافة إلى تطور وعي الطلاب الذين شاركهم أولياء الأمور بأهمية العلاقة بين المدرسة والأسرة .
وقال إن هذا الاجراء ساهم في زيادة ثقة الطلاب بأنفسهم وساهم في تطوير يقظتهم ، وتحسن موقفهم تجاه المهمة المدرسية ، ومن ثم نجحوا في تحقيق التقدم .
وبين الجوادي أن من نتائج تقييمات تجارب الشراكة تقلص انكفاء المعلمين على أنفسهم أو مادتهم ، وإعداد قواعد بيانات للمهنيين الذين يمكن الاتصال بهم عند الحاجة مثل علماء النفس ، ومعالجي النطق .
وأضاف أن تبادل وجهات النظر المختلفة أدى إلى معرفة أعمق بالطلاب المعنيين حتى أصبح المناخ العام ، والبيئة التربوية أكثر ملائمة .
ودعا الجوادي في ختام ورقته للأخذ ببعض التوصيات والتي منها إعداد بنية تحتية متينة ، وتحديد أدوار الجميع ، وإظهار الشخصية التعاونية ، وتقديم المساعدة ، وإحداث التحول ( الثقافي ) للمدرسة .
فيما قدمت الدكتوره فهده بنت عبدالرحمن بن سعيد مدير إدارة العمليات الإدارية لمشروع بناء الأطر التخصصية في إدارة معايير المناهج بهيئة تقويم التعليم العام ورقة عمل عن دور الهيئة في تعزيز شراكة المدرسة مع الأسرة والمجتمع ، تحدثت خلالها أن ذلك يأتي استجابة للحاجة إلى تنسيق الجهود وتكاملها ، وتبادل الخبرات والمقترحات والآراء بين المؤسسات المجتمعية .
وأشارت د. فهده إلى أن الهيئة نفذت عددا من البرامج ، والمبادرات التي تستهدف تعزيز شراكة المدرسة مع الأسرة والمجتمع وذلك خلال الفترة من 2015 -2017 م ، واختتمت الورقة بعدد من التوصيات التي تهدف لسد الفجوة بين الواقع والمأمول فيما يتعلق بتعزيز شراكة المدرسة مع الأسرة والمجتمع .
وفي الجلسة الثانية أوضح الأستاذ المشارك في علم الاجتماعي التربوي في الجامعة الأوروبية في قبرص لويسز سيميو أن المدرسة والأسرة والمجتمع مرتبطة مع بعضها، ومشاركة الأسرة في العملية التعليمية تؤدي إلى زيادة الفعالية لدى الطالب وتساهم في تحسين مستواه.
وأضاف أن العلاقة قوية بين المدرسة والأسرة والمجتمع، فلابد من إبرازها، وإدارتها بشكل مميز حتى تزيد من نسبة الإنجاز في العملية التربوية والتعليمية، لافتاً إلى الحاجة إلى زيادة الثقة لدى المجتمع وتحسين البيئة التعليمية بعلاقة تدعم العلاقة بين المدرسة والأسرة والمجتمع.
وأكد على أن مشاركة الأسرة مطلوبة، وتحديداً من أولياء الأمور، ونجاح الأسرة في دعم الطالب بالمدرسة يعتمد على هيكلة الأسرة الثقافية وطبقتها الاجتماعية، مشيراً إلى أنه في حال كانت ثقافة المنزل مشابهة لثقافة لمدرسة فإنه يسهل العملية التربوية والتعليمية على الطالب.
وقال أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي المشارك وكيل عمادة الموهبة والإبداع والتميز للتطوير والجودة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور خالد الثبيتي: “تطوير وتعزيز الشراكة بين المدرسة والمجتمع مطلباً أكدت عليه العديد من توصيات المؤتمرات العلمية والندوات والملتقيات، كما خرجت العديد من نتائج الدراسات المحلية والعربية بنتائج تدل على ضرورة تطوير مظاهر وأشكال الشراكة المجتمعية بين المدارس والمجتمع”.
وتطرق إلى الصعوبات التي تواجه الشراكة بين المدرسة والمجتمع، وتحديد متطلبات تعزيز تلك الشراكة في ضوء الخبرات العالمية، مضيفاً: “تواكباً مع أهداف التعليم في برنامج التحول الوطني 2020 المنبثقة من رؤية المملكة 2030، تم اعتماد مبادرة ارتقاء لتعزيز الشراكة بين المدرسة والمجتمع”.
وذكرت مديرة جمعية الغد للشباب ديمة آل الشيخ أن القيم تعد محصلة لتطوير الكثير من عمليات الانتقاء والعرض والتقييم وتنتج استسقاء طويل المدى في المجتمع وتنظيماً في سلوك الفرد، والقيم كدوافع وجذور للسلوكيات والاتجاهات الظاهرة يستدعي تفسيرها وعرض نظريات تقطيرها.
وأضافت: “قام مركز الغد للقيم التابع لجمعية الغد للشباب بإجراء مسح لقيم المجتمع والمواطن السعودي، وبالنظر للنتائج ولمعطيات القيم التي تمثل فيها الفرد والمجتمع وبعض المدارس الذي طبقت عليها نفس المنهجية ظهر اتجاه ومتطلب لتحديد بعض القيم وبناء خطة عمل تستهدف تعزيزها للتغلب على مظاهر التشتت والقصور الثقافي الظاهر لرفع مستوى التناغم والإنتاجية والإيجابية في الفرد والأسرة والمؤسسات التعليمية والمجتمع”.
وتطرق عادل الغامدي من شركة الاتصالات السعودي إلى دور شركة الاتصالات السعودية كواحدة من المؤسسات والشركات الرائدة المساهمة في تطوير المجتمع من خلال تدريب وتعليم الطلاب والطالبات في بيئة عمل مهنية لاكتساب الخبرات والاطلاع على أفضل الممارسات وتقليص الفجوة بين التعليم والتطبيق العملي الذي سيؤدي إلى نتائج إيجابية على الطالب والمجتمع.