
يحظى الأشخاص ذوي الإعاقة في الآونة الأخيرة بمزيد من الاهتمام خصوصاً بعد المصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين وبعد أن أصبحت الدول الموقعة عليها ملزمة بتوفير الرعاية الصحية والتربوية والاجتماعية والنفسية والسياسية، وقد نالت أساليب الدمج قدراً من الاهتمام فهناك تجارب بدأت منذ ثلاثين عاماً ومنها على سبيل المثال تجربة المملكة العربية السعودية وتجارب أخرى بدأت بأشكال متفاوتة، في لبنان والأردن وفلسطين ومصر والإمارات العربية المتحدة والكويت، منها تجارب متقدمة وتجارب ما زالت في مراحلها الأولي.
وقد اتجهت الأنظار في الآونة الأخيرة نحو أهمية برامج الدمج لذوي الإعاقات المختلفة والتي أولتها المجتمعات العربية جل اهتمامها، وانطلقت العديد من الدراسات العلمية في مجال التربية الخاصة وعلم النفس التي تناولت تجارب الدمج وأساليبه المختلفة للتعرف على الايجابيات والسلبيات الناتجة عن تجربة الدمج سواء بالنسبة لذوي الإعاقة أو الأشخاص غير المعاقين، وتوسعت الدراسات لتشمل الاتجاهات المختلفة نحو الدمج سواء كانت اتجاهات المعلمين نحو الدمج أو اتجاهات طلبة المدارس نحو الدمج أو اتجاهات المجتمع نحو الدمج
إن عملية دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بالطلاب العاديين في مدارس التعليم العام أصبحت ضرورة من ضرورات التربية الحديثة لما يمثله من أهمية في إظهار الطاقات الكامنة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والإسهام في تفاعلهم مع أفراد المجتمع بشكل بّناء. وبالرغم من تعدد الاتجاهات نحو برنامج الدمج إلا إن فكرة الدمج جاءت كردة فعل لانتقادات سابقة وجهت لبرامج التربية الخاصة والتي تعمل على عزل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسات تعليمية خاصة بهم مما كان له الأثر في عدم تفاعل الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بما حولهم من مؤثرات وعوامل خارجية .
وهنا استطلاع بعض أراء معلمي التربية الخاصة بالميدان التربوي:
حيث نبدأ بالمعلم / سلطان علي الحارثي , معلم إعاقة فكرية بالدمام قائلاً : أن المعيق الرئيسي في عملية الدمج هو المجتمع نفسه لذا فان التحدي الأول الذي يوجهنا كمشرفين على العملية هو العمل على تكوين قناعات لدى المجتمع تعزز لديهم الجانب الإنساني وتؤكد أهمية الدمج لان الطفل المعاق لن يستفيد إذا أقصي عن مجتمع الأسوياء.
رغم التحديات التي تواجههم كعدم وجود مناهج تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة وعدم ملائمة المباني المدرسية لبعض الحالات وقلة المتخصصين إلا أنهم مقتنعون بان لديهم قدرة لتذليل المعيقات وتحقيق أقصى فائدة ممكنة للطفل، مشيرا إلى أن هناك دورات تدريبية وورش عمل للمعلمات لتوضيح فكرة الدمج واليات التعامل معه تستهدف المجتمع المدرسي الذي تنفذ فيه فكرة الدمج
أما الأستاذ/ ياسر ابراهيم الشثري معلم صعوبات تعلم بالخرج , قال: إن واجب معلم التربية الخاصة يجب أن يحقق مبدأ الدمج تربويا مهما يتفق ومبادئ الرعاية المتكاملة لهذه الفئة حيث أن للدمج آثارا ايجابية سواء على شخصية المعاق نفسه أو غيره من العاديين، مؤكدا أن الدمج هو الخيار الأفضل وأشار إلى أن عملية الدمج لا تنجح دون وجود معلم مستشار يقدم خدمات استشارية لأطراف العلاقة من أولياء أمور وطلبة وهيئات إدارية وتدريسية، لافتا إلى إنهم بانتظار التعديل الخاص بالمناهج والذي تم الإشارة إليه من قبل قسم إدارة برامج ذوي القدرات الخاصة
أما الأستاذ / محمد عبدالله المالكي , معلم توحد بالطائف قائلاً : من واقع معايشته للتجربة فان الطالب ذوي الإعاقة يشعر بأنه جزء مهم وعضو فاعل في المجتمع وليس مجرد شخص لا قيمة له كما يشعر وهو وسط أقرانه بالألفة مما يساعده على تنمية مهارات التواصل التي قد تكون قاصرة لديه كما ان للدمج آثارا ايجابية على الطلبة الأسوياء حيث يصبحون أكثر قدرة على تفهم احتياجات أقرانهم والتواصل معهم بصورة أكثر إنسانية وتحضرا.
ويرى المعلم يعتبر حلقة الوصل بين طلاب الحاجات الخاصة والمعلمين العاديين وبين المعلمين والإدارة وبين الإدارة والمنطقة في كل ما يتعلق بحاجات الطلبة من ذوي الحاجات الخاصة ويشارك في إعداد وتنفيذ الخطط العلاجية في المدرسة. .