
شارك مدير مكتب التعليم بأحد رفيدة الأستاذ حامد الشمراني بورقة علمية بعنوان ” دور المؤسسات الحكومية والمجتمعية في تحصين الشباب من الانحراف الفكري” وذالك على هامش اجتماع لمديري الإدارات الحكومية ومديري المدارس وخطباء الجوامع والتي تنظمه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحت رعاية محافظ أحد رفيدة سعيد بن دلبوح .
حيث قال الشمراني : يتّفق الباحثون والمختصّون في قضايا الأمن الفكري على أن الأمن والاطمئنان على سلامة الفكر وصحة الاعتقاد، وصواب العمل مطلب شرعي، وحاجة نفسية واجتماعية مما يقتضي توافر الجهود الشرعية والتربوية والأمنية والإعلامية والاجتماعية لتحقيق ذلك.
ويؤكدون على «إن الجهد الأمني ليس كافياً وحده للحد من ظواهر الانحراف في الفكر، والحاجة قائمة لتضافر الجهود في مختلف المجالات عبر خطط وطنية شاملة تراعي العوامل والأوضاع والظروف الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية المؤثرة في أحداث ظواهر الانحراف. بل إن إشاعة الفكر الآمن عامل أساس لتعزيز الوحدة الوطنية«.
ومن هنا تزايد الاهتمام بما يسمى الأمن الفكري، سعياً إلى حماية الفكر من أي انحراف قد يتحول إلى سلوك إجرامي يهدد الأمن.
وأشار الشمراني لعلنا نتذكر مقولة لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز- رحمه الله: « أن الأمن الفكري ركيزة أساسية من ركائز الأمن الشامل الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالعمل الجماعي على مختلف الأصعدة وبتضامن جميع قطاعات المجتمع كل وفق اهتماماته وقدراته وتخصصه. فكلما تكاملت الجهود وتضاعف التنسيق زادت فرص تحقيق الأمن، الأمر الذي يعني تماسك المجتمع ومتانة بنائه الاجتماعي، وهذا هو المدخل الراجح لمحاربة الفكر المنحرف والأنشطة الإرهابية«
ولاشك أن وضع برامج معينة لحماية الأمن الفكري،لا تستهدف فقط محاصرة الأفكار المغذية للتطرف والإرهاب، بل إنها تستهدف حماية العقل من كل انحراف في التفكير، سواء كان باتجاه التطرف والغلو، أو الانحلال الأخلاقي، والخروج على ثوابت المجتمع وأخلاقه.. فالشخص الذي يقدم على تعاطي المخدرات يعاني من خلل في التفكير، والشخص الذي يستسلم لوساوس شياطين الإنس لارتكاب المحرمات لا يختلف في انحراف تفكيره كثيراً عمن ينساق وراء الأفكار الجافية لوسطية وسماحة الإسلام.
وزاد الشمراني يبقى التساؤل الذي يجب أن نطرحه جميعاً على أنفسنا :من المسؤول عن حماية الأمن الفكري في بلادنا؟ والإجابة الموضوعية:أن الأمن الفكري والحفاظ عليه وتحقيق الأمن بمعناه الجامع الشامل لم يعد مسؤولية الجهات الأمنية الرسمية فقط مهما بلغت كفايتها وقدرتها، وذلك لأن كل جريمة أو انحراف سلوكي، يسبقه نوع من الانحراف الفكري، أو خلل في التفكير، أو قصور في التربية ومن هنا فحماية الأمن الفكري أصبح مسؤولية تشاركيه وتكاملية بين كافة الأفراد والمؤسسات والقطاعات الرسمية وغير الرسمية.
وبين الشمراني بأننا جميعاً شركاء في المسؤولية ,الأسرة هي حجر الزاوية في منظومة جهود حماية الأمن الفكري، والتربية الإسلامية الصحيحة هي مسؤوليتها بالأساس ولاشك أن للأسرة دورا كبيرا ومسؤلية عظيمة في ترسيخ مفهوم الأمن الفكري ،حيث يبدأ تحصين شبابنا داخل نطاق الأسرة من خلال تشجيع الحوار بنفس الدرجة التي نحيط بها الأبناء بالعطف والحنان، والحرص على توفير متطلبات الحياة، ثم حسن المراقبة الواعية في فترة المراهقة والشباب لمعرفة ماذا يقرؤون ويطالعون عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية ومن أصدقاؤهم وأين يقضون أوقات فراغهم؟
وتساءل الشمراني : هل يعقل أن يتفاجأ أحد الآباء أن ابنه متورط في جريمة إرهابية ومطلوب من قبل الجهات الأمنية من خلال وسائل الإعلام دون أن يكون قد رأى بادرة تشير إلى أنه يسير في هذا الطريق قبل ذلك؟.
فمعلوم أن التربية والتعليم هما الأساس الذي يقوم عليه تحقيق الأهداف المنشودة لتحقق الأمن الفكري لمجتمعنا وتأصيل المسؤولية الأمنية والوعي الوطني وتعميقهما في نفوس الناشئة وغرسها في عقولهم ولا شك أن المؤسسات التعليمية بأدوارها ومساهماتها تأتي في مقدمة مؤسسات الدولة المسؤولة عن تشكيل سلوك النشء وبناء الاتجاهات والقيم الإيجابية لديه و تعزيز الأمن الفكري والتصدي للانحرافات الفكرية التي يتعرض لها أبناؤنا وبناتنا وشبابنا الذين هم الثروة الحقيقية لهذه البلاد والذين يمثلون ما نسبته 67 % تقريبا من سكانها .
وأوضح الشمراني جميعنا يعلم أن مؤسسات التعليم وخاصة المدرسة بمفهومها الشامل والمتكامل بالإضافة إلى تزويدها الطالب بالمعارف والمهارات فإن إسهامها الأكثر أهمية هو الدور التربوي حيث تعتبر خط الدفاع الرئيس لدورها في تعميق ولاء الطالب لله ولكتابه ولرسوله وولاة أمر هذه البلاد وعلمائها وتحصينه ضد الضلالات الفكرية ثم إن للعلماء والدعاة والأئمة والخطباء دورا أساسيا وأثرا كبيرا في محاربة الفكر المتطرف والتصدّي لخطر الإرهاب، وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف. والعمل على وضع لبنات الأمن الفكري في المجتمع، ،بل إن دورهم قد يكون أكثر فاعلية من رجال الأمن، وأقل خسائر؛ لأن الداعية يواجه الإرهاب في مرحلة تشكل نواته الأولى في العقول قبل أن يتحوّل إلى فعل تخريبي ملموس,ثم المؤسسات المعنية بالدعوة، والإعلام، والعمل الاجتماعي، والثقافي، ومؤسسات الشباب والرياضة والجهات الأمنية وغيرها.. فجميعنا مسؤولون عن حماية عقول أبنائنا وشبابنا من أي محاولات لتخريبها.
ولخص الشمراني ورقته وقال بأن التربية السليمة القائمة على الحوار والإقناع وربط الناشئة بكتاب الله والسنة النبوية علماً وعملاً ونشر العلم الشرعي هي وسائل لمحاصرة كل انحراف في الفكر يجب أن تسبق وتلحق أي جهود أمنية لمحاصرة الجريمة الإرهابية في صورتها وعناصرها المادية.
فهل يعي كل منا دوره في محاصرة هذا الفكر الضال المضل، قبل أن يفاجأ بأن ابنه أو ابنته قد سقط فريسة له وربما تسبب في سقوط ضحايا أبرياء لا ذنب لهم، إن لم نفعل هذا ربما نفاجأ في وقت ما بسريان هذا الداء على أبنائنا لا نستطيع إلا أن نشعر بعدها بأننا أيضاً مذنبون، وربما شركاء في الإثم..