تتفاعل وزارة التربية والتعليم مع مدارس التعليم الأهلي والأجنبي بتكوين لجنة وزارية من مسؤولين بالوزارة ومختصين وملاك ومالكات المدارس الأهلية لطمأنة قطاع التعليم الأهلي والأجنبي، من خلال بحث ومناقشة المحاور الرئيسية التي أثرت وبشكل كبير على المدارس الأهلية، ودفعت نحو 150 مدرسة للتخلي عن هذا الاستثمار, ولإزالة كل العقبات التي تواجه القطاع باعتباره رافداً تعليميا وتربويا ومنظومة متكاملة مع التعليم الحكومي, ومخاطبة وزارة العمل لبحث المعوقات التي تواجه القطاع في هذا الصدد.
ويأتي ذلك التوجه نتيجة تخوف عدد من ملاك ومالكات المدارس الأهلية بجدة من دخول مستثمرين خليجيين وعرب في مفاوضات ومشاورات لشراء عدد من المدارس، مستغلين حالة الإحباط التي أصابت البعض في أعقاب القرارات الأخيرة التي ضيقت الخناق على المستثمرين والتسهيلات المقدمة للمستثمر الأجنبي, وأبدى الجميع قلقهم من دخول أجانب ومستثمرين غير تقليديين بالسوق المحلية، ما قد ينعكس سلبا على البيئة التربوية والتعليمية في بلادنا, إضافة إلى تزايد الضغوط والاشتراطات من الجهات المعنية “الدفاع المدني, وزارة الشؤون البلدية والقروية, العمل” لإصدار رخص لمدارس التعليم الأهلي والأجنبي.
وأوضحت فاطمة العمودي، مستثمرة ومالكة مجمع مدرسي، أن الاشتراطات التي أقرتها وزارتا الشؤون القروية والبلدية والعمل والدفاع المدني أثرت فقط على المدارس الخاصة بذوي الدخل المحدود التي تتراوح رسومها ما بين خمسة إلى ثمانية آلاف ريال والتي عملت على خروجها للسوق وبيعها لشركات خليجية وعربية مستثمرة بالتعليم, مبينة أن اشتراطات وزارة الشؤون القروية والبلدية غير متناسبة مع البنى التحتية وطبيعة المباني خاصة محافظة جدة سواء من الشارع التجاري أو المساحة, وقالت: 50 متراً قد تعرض مدرستي إلى الإغلاق بعد توفير المساحة المطلوبة 7500 متر مربع، وذلك لعدم وقوعها على شارع تجاري وبعدها عن الشارع 50 متراً.
وتخوفت عبير غزاوي مالكة إحدى المدارس الأهلية ومتحدثة عن معظم مدارس جدة والطائف من دخول بعض المستثمرين الأجانب وجهات غير مؤهلة (ليست تربوية) لشراء بعض المدارس الأهلية والعالمية في ظل الضغوط المستمرة التي تواجهها من قبل الجهات الحكومية ذات العلاقة، وكشفت أن هناك ما يزيد عن (150) مدرسة من المدارس التي تستهدف الطبقة المتوسطة مهددة بالإغلاق من جراء هذه الأوضاع التي تعيشها بعض المدارس، ما يكبدها خسائر جمة، الأمر الذي سيؤدي إلى خروج استثمارات وطنية من الاقتصاد الوطني في ظل الضغوط المستمرة من الجهات الحكومية، التي تلوح بتهديد المدارس بالإغلاق أو العقوبات بين كل فترة وأخرى, لافتة إلى أن التعليم الأهلي والأجنبي يعمل بشكل تكاملي مع التعليم العام وله دور كبير, ويعمل على توفير ستة مليارات على الدولة.
وأشارت إلى أن مجموعة من ملاك ومالكات المدارس الأهلية في ظل هذه الظروف رفعوا خطاباً إلى الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم للمطالبة بالتدخل السريع لحل العقبات والمشكلات التي تواجه هذه المدارس والتي تتركز في خمسة محاور، الأول يتمثل في شهادة الدفاع، حيث تم إيقاف منح شهادة الأمن والسلامة من الدفاع المدني رغم مناسبة المبنى وتوافر أدوات الأمن والسلامة (وذلك لأن معظم المدارس تراخيص بنائها سكنية وليست تعليمية) وترتب على ذلك عدم تجديد التراخيص من وزارة التربية والتعليم، وتتمنى أن تعطى الشهادات للمدارس ما دام المبنى مناسبا ومتوافرة فيه وسائل الأمن والسلامة.
أما المحور الثاني فيتمثل في التأمينات الاجتماعية، حيث طالبت المؤسسة المدارس بدفع التأمينات على كامل المبلغ والمقدم جزء منه من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية وهي مكرمة ملكية للمعلم والمعلمة، وهذا بدوره يحمل المدرسة والمعلمة عبئاً إضافيا، خاصة أن فكرة الاعتماد على الحد الأدني للأجور المسموح بها في التأمينات يساعد المدرسة التي تخدم الفئات ذات الإمكانات المحدودة ويعين على تطبيق القرار بكل يسر وسهولة فيصبح تجزئة المبلغ 2500 ريال إلى (1500 راتب أساسي وعليه يحسب مبلغ التأمينات + 1000 بدلات) + 600 بدل مواصلات ليكون المجموع (3100) نصيب المدرسة الذي ستدفعه للمعلمة.
إضافة إلى عدم إلزام المدارس الأهلية بدفع رواتب الإجازة الصيفية والمقدرة تقريبا بثلاثة أشهر.
ولفتت غزاوي إلى أن المحور الثالث الذي حمله الخطاب المرفوع لوزير التربية والتعليم يركز على نظام العمل والعمال.. ففي ظل ندرة المعلمين والمعلمات السعوديين في بعض التخصصات في المدارس الأهلية والعالمية فإننا نتطلع إلى السماح بإعطاء تأشيرات لسد العجز في هذه التخصصات غير المتوافرة من السعوديين أو السماح بالتعاقد الداخلي مع المعلمات غير السعوديات المرافقات لأزواجهن المؤهلات بدلا من الاستقدام.
والمحور الرابع هو اشتراط إدارة التربية والتعليم لتجديد تراخيص المدرسة الحصول على تصريح من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية، حيث تتطلب اشتراطاتها مساحات تعجيزية بدءًا من (900) متر مربع لمرحلة رياض الأطفال إلى (7500) متر مربع للمجمع المدرسي، ولا يخفى عليكم ندرة الأراضي البيضاء لإقامة تلك المشاريع بمدينة جدة، والدوائر الحكومية تقف عاجزة عن توفير مثل تلك المساحات ولذلك نجد أنفسنا أمام هذا العائق مكتوفي الأيدي، فضلا عن ارتفاع أسعارها وعدم توافرها في معظم الأحياء، وقد طالبنا باستثناء المدارس القائمة الحالية في مبانيها وعدم مطالبتها بالاشتراطات التعجيزية.
ويتعلق المحور الخامس بمدارس تحفيظ القرآن الكريم وما في حكمها من المدارس التي تقدم خدماتها للفئة ذوي الدخل المحدود، حيث تتقاضى هذه المدارس رسوماً رمزية من الأهالي ابتغاء مرضاة الله وأملا في خدمة كتابه ويكاد دخلها يفي بمصاريفها، وهي تحتاج إلى دعم أهل الخير للوفاء بأجور معلماتها الحالية، وبذا لا تستطيع الالتزام بالأجور الجديدة لعدم توافر الإمكانات، وستضطر إلى الإغلاق وإنهاء عملها في التعليم وتحفيظ القرآن الكريم، وقد طالبنا بعدم إجبار تلك المدارس على الدخول في منظومة الدعم ورفع الأجور.
وتطلعت عبير غزاوي إلى تحقيق الاستقرار وتطوير المعلمين والمعلمات على إثر قرار خادم الحرمين الشريفين حول دعم رواتب المعلمين والمعلمات.. مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه “عند ممارستنا ومعايشتنا لواقع مراحل تطبيق هذا القرار فإننا نود أن نسترعي انتباهكم إلى هذه النقاط الجوهرية، حيث أغلقت بعض المدارس الأهلية وتستعد الأخرى للإغلاق، إما في الفصل الدراسي الثاني أو نهاية العام بسبب عدم قدرتها على الوفاء بمتطلبات البرنامج”.
ولفتت إلى أن الفترة الأخيرة شهدت اتجاه الكثير من الأسر إلى تسجيل أبنائهم في المدارس العالمية التي تزايد أعدادها في جدة بشكل ملحوظ، وأكدت على ضرورة التفات وزارة التربية والتعليم لهذا الأمر لما لهذه من آثار على تغريب أبنائنا وتباعدهم عن كتاب الله ولغتهم العربية.