
تشرق شمس اليوم الأول من الميزان في كل عام، لنستذكر مع نورها فجر”اليوم الوطني” لبلدنا العزيز.. سنوات مضت حافلة بالإنجاز والخير لإنسان هذا البلد ومقومات التنمية فيه.. حيث نحتفي بالذكرى الخامسة والثمانين لتوحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ معلنا بذلك بداية عصر نهضة شاملة شيد قاعدتها الملك المؤسس من خلال تدشين
نظام الهجر وإنشاء مديرية المعارف تغير نمط التعليم في المسجد الحرام وتأسيس المعهد العلمي السعودي وتشكيل مجلس المعارف إنشاء مدرسة الأمراء إنشاء مدرسة تحضير البعثات إنشاء دار التوحيد افتتاح كلية الشريعة المعاهد العلمية والتي أثمرت عن إحداث نهضة نحياها اليوم في كافة المجالات التنموية ـ
وكثيرة هي المعاني التي تتداعى للذاكرة عند الحديث عن الوطن وخاصة في مناسبة الاحتفاء باليوم الوطني المجيد ، لما يمثله الوطن لدى الإنسان من قيمة وجود ومرتكز أمال ومبعث طموح و مكون أساسي لذاته ورمز شخصيته ، وبهذا يرتبط الإنسان بوطنه برباط الفخر والاعتزاز وقيم الولاء والانتماء .
وتأتي ذكرى اليوم الوطني بما تمثله من مشاعر الحب ومظاهر الاحتفال ليعبر بها الإنسان عن تقديره لملاحم بطولة التأسيس وجهود العطاء ومواصلة البناء . ولعلنا في الميدان التربوي ونحن نحتفي بهذه المناسبة العزيزة نستشعر أمانة المسؤولية التي تمليها علينا رسالتنا التربوية نحو ناشئة الوطن من أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات في ربطهم بمكونات وطنهم وتعزيز قيم الولاء والانتماء وتعهدهم بترسيخ مبدأ العطاء والتعرف بأهمية اللحمة الوطنية وجعلها شعاراً لنا ونحن نحتفي بهذه المناسبة .
إن المجتمع يترقب كل صباح جهود المعلمين والمعلمات في المدارس “حصون الوطن” لتربية وتثقيف الناشئة وإعدادهم للحياة والبناء الوطني، فهم أقدر فئات المجتمع على تعريف الأبناء والبنات بأهمية وطنهم ومكانته بين الأمم اليوم، وكيف ينبغي أن تكون الوطنية التي تُعضّد الإنتاج وتحافظ على المكتسب والمنجز الوطني عبر العقود الماضية .
ـ وعمّت المدارس اليوم كل قريـة وهجرة وبادية، فضلا عن المدن الكبرى، التي تضاهي كبريات مدن العالم المتحضر في المجالات التنموية المرتبطة بالإنسان، باعتباره وسيلة التنمية وهدفها في الوقت نفسه.
إن في محافظة الطائف اليوم قرابة 1800 مدرسة للبنين والبنات بعد أن كانت في عام 1345هـ 3 مدارس فقط وينعم المواطنين بمحافظة الطائف بتنفيذ مشاريع تعليمية وصل عددها اليوم الى 1600 منشأة تعليمية مجهزة بأحدث الوسائل التعليمية وتمثل بيئات تربوية جاذبة ومحفزة ، ويعمل بها اليوم قرابة 30 ألف معلم ومعلمـة يسهمون في التنمية الوطنية من خلال الاستثمار في تربية وتعليم ما يزيد 250 ألف طالب وطالبة وفرت لهم الدولة أسطولا حديثاً للنقل بلغ عدده 700 حافلة ، وهؤلاء هم أجمل وأعظم هدية تٌقدّم للوطن، والاستثمار فيهم لا ينضب، بل يدوم أثره وينمو بعون الله، والواجب أن نوظف كل الإمكانات والفرص والخيارات الممكنة؛ لحفز الهمم وإطلاق الطاقات واستثمار المواهب للإلمام بمفاتيح “كنوز العصر الجديد” وهي كنوز معرفيـة بالدرجة الأولى؛ فهي التي تُحدد الفارق بين قدرة الشعوب وضعفها وبين الإنجاز والفشل؛ والبلد القادر على استيعاب المعرفة ومقوماتها واستثمار عوائدها سيستطيع أن يسير في طريق النمو المثمر باطمئنان بإذن الله .
وما الذي يمكننا فعله تجاه وطننا الكبير المملكة العربية السعودية، حتى تستمر نعم الله تعالى الجليلة علينا ” وبالشكر تدوم النعم” وفي مقدمتها “الأمن والعيش الكريم دون منّة من أحد”، ويكفي أن ننظر إلى ما آلت إليه كثير من الدول في أوضاعها الداخلية المتأزمـة؛ لنحمد الله تعالى على ما نحن فيه، بفضل تمسّكنا بتعاليم الشريعة الغراء، والتفافنا حول القيادة الرشيدة، ومحبتنا وولائنا لوطننا؛ حتى أضحى اليوم مقصدا موثوقا لدعاة السلام والإنسانية ومناصرا للعدالة حول العالم.