صحيفة التعليم الإلكترونية – الرياض كم من الدماء يستوجب أن تُسفك لاكتشاف خطأ ما، هكذا يتساءل أحد المعلمين، وهو يصف الحزن الطاغي لأحد زملائه المدرسين الذي فقد زوجته المعلمة في إحدى حوادث الطرق التي عرفتها الطرقات السعودية الأسبوع الماضي، آخرها الحادث الذي راح ضحيته زمرة من المعلمات، إضافة إلى سائقهن في طريق المدينة المنورة – القصيم بالقرب من محافظة الحناكية.
لك أن تتخيل خيالا أقرب إلى الواقع، تلك الطموحات التي كانت تملأ قمرة السيارة لمعلمات لم يرغبن سوى في أن يتم نقلهن إلى مدارس قريبة من بيوتهن، أو على الأقل قريبة من مدنهن، غير أن تحطم هذه الآمال جاء مترافقا مع صوت تحطم المركبة لتقضي كثير من معلماتنا السعوديات نحبهن على قوارع الطرق، ترمق دماءهن عيون المارين، وتبكي فواجعهن مقل الباكين. دع من مضين إلى بارئهن فهو أرحم بهن- هكذا يقول المعلم المكلوم الخائف على زوجته من فواجع الطرق- لكنه يلفت الانتباه إلى من يمشين في الطريق ذاته وعيونهن ترقب كل فجر جميع الأسباب التي يذكرها المحصون لحوادث الطرق، فهذه تنظر إلى عجلات السيارة الناقلة لهن وتبدي قلقا، والأخرى تقتنص النظر إلى عيني سائق ربما ظل ساهرا خشية أن يغرق في نعاس تضيع معه أرواح استودعت أطفالها وأحبابها خشية الغياب القسري في وقت غابت فيه عن الأذهان فكرة تجمع الواجب المهني بالالتزام الأسري لمعلمات رحن ينشرن العلم في قرى وهجرٍ بعيدة، وسالت دماء بعضهن غزيرة في سبيل رسالة تبذل لعلم ينتفع به.
يسأل المعلم المكلوم ومعه لسان حال كثير من المعلمات، متى تغدو البيروقراطية من الماضي، وعلى كرسي قيادة الوزارة رجل مبدع لا يؤمن بالحلول المعلبة لأزمة معلمات بعيدات عن أسرهن يشكين بأصواتهن كثيرا وأحيانا بحبر دمائهن.