لكل مهنة من المهن مشكلاتها ، و تلك المشكلات تتفاوت من البساطة إلى التعقيد ، و من بين تلك المهن مهنة التعليم التي هي أشرف المهن .
تشترك مهنة التعليم مع المهن الأخرى في هذه الخاصية ، إذ يواجه المعلّمون في الميدان مشكلات يومية متنوعة ، خاصة إذا تذكرنا أن المعلم هو صاحب المهنة التي تتعلق بالهندسة البشرية ، فهو يتعامل مع بشر تختلف ثقافاتهم وبيئاتهم وطبائعهم وأعمارهم الزمنية وليس مع آلات متشابهة في تركيبها أو ميكانيكية عملها.وإذا استعرضنا هذه المشكلات ، نجد أن بعضها يهم المعلم المبتدى أكثر من زميله الذي أمضى في ممارسة المهنة دهراً من الزمان ، كما أن بعضها الآخر يهم جميع المعلمين القدامى منهم والمبتدئين على السواء.وتجدر الملاحظة أن بعض المشكلات قد لا تواجه المعلم في يومه الأول أو في عامه الأول ، و إنما في عدة سنوات ، وهكذا يظل المعلم جديدا على المهنة فيما يتعلق بمثل هذه المشكلات ، وقديماً في الوقت ذاته بالنسبة لمشكلات أخرى.ولذا سوف نستعرض في هذا الفصل بعض المشكلات التي يتردد الحديث عنها في الأوساط التربوية انطلاقا من اقتناعنا بأهمية معرفة المعلم لهذه المشكلات في وقت مبكر من تاريخه المهني ، فمعرفة المعلم لهذه المشكلات قبل وقوعها يقلل من أثارها السلبية عليه ، كما يساعده على التفكير في الحلول المناسبة دون حيرة أو ارتباك .
يواجه المعلم في أثناء حياته المهنية بعض المشكلات التي تتصف بالتكرار و العمومية ، فمثلاً قد تحدث في منطقة دون أخرى ، ويواجهها معلّم اللغة العربية كما يواجهها معلم التربية الخاصة ، ومن أبرز هذه المشكلات الفجوة بين النظرية والتطبيق ، التي هي واحدة من أهم المشكلات البارزة و التي تواجه المعلم ، ونقصد بذلك الهوّة الكبيرة (التفاوت) بين ما يتعلمه المعلم و قرأه فترة دراسته في الجامعة أو في المعاهد و المؤسسات التعليمية و التدريبية من مبادئ ونظريات تربوية مثالية ، وبين ما يجده في الميدان و بعض المدارس من أساليب تقليدية (غير تربوية ) .
فهو يسمع ويقرأ عن طريق التدريس التي تهتم بنشاط التلميذ وقد يجد في المدرسة طرق التدريس التي لا تهتم إلا بنشاط المعلّم ويسمع عن توجيه و إرشاد الطلاب باللين والنصيحة ، و ربما يجد في بعض المدارس أن إرشاد الطلاب لا يتم إلا بعصا .ولا شك أن مثل هذه التفاوت والتباين بين ما هو نظري مثالي من جهة وما هو عملي قائم من جهة أخرى ، ويثير كثيراً من التساؤلات في نفس المعلم الممارس لمهنة التدريس، وليس لدينا ما نوجهه إليك من نصح في هذا المجال إلا أن نقول لك :” ابدأ بنفسك ” فإذا بدأت بنفسك في إتباع ما درسته من مبادئ ونظريات تربوية، فسوف تضع نفسك على أول الطريق السليم .(قنديل:2000م)
لا ندعي أن الطريق سيكون ممهداً أمامك ، و مليئاً بالورد و الرياحين ، لكن على العكس تماماً ، سوف تواجه أمامك عقبات من الطلاب الذين لم يتعودوا على هذه الأساليب ، الجديدة ، و سوف تواجه مصاعب من المعلمين و الادارة ؛ لأنهم يرون أنك خرجت عن الصف ، بل ربما تواجه عقبات أيضاً من أولياء الأمور الذين لا يفهمون حقيقة و واقع ما تقوم به من عمل علمي نبيل . ( قنديل : 2000م).
نعم. الصبر والتمسك بالعمل الجاد الملتزم هو ديدنك ، وبما درسته وتولدت لديك اقتناعات به، وذلك في صمت ومثابرة حتى توفق بإذن الله .
و لعلي أقدم لك أخي المعلم المبتدئ و أختي المعلمة المبتدئة نصيحة ورثتها من أستاذ بجامعة الملك سعود خلال فترة التدريب الميداني التي رسخت في ذهني حتى التقاعد مستقبلاً ، وهي : ( لا تكترث بالنماذج المحبطة في عملك ) .
بقلم : أ. نذير بن خالد الزاير
عضو الجمعية السعودية للتربية الخاصة بالرياض
- المصادر و المراجع :
- الكثيري ، راشد و النصار ، صالح ( 2005م): المدخل للتدريس ، جامعة الملك سعود ، الرياض .
- كاربالو،جولي وَ كمبركون،ماري.( 2005م) : دليل مدرس التربية الخاصة المبتدئ ، ط 2 ، ترجمة طارش الشمري وَ صالح هارون ، الاكاديمية العربية للتربية الخاصة ، الرياض .
- مسعود ، وائل ( 2006م) : التدريب الميداني لطلاب التربية الخاصة ـ مسار التخلف العقلي ـ ، دار الزهراء ، الرياض .
- قنديل، يس.(2000م) : التدريس و اعداد المعلم ، الطبعة الثالثة ، دار النشر ، الرياض .
- البتال ، زيد .(2000م): الاحتراق النفسي لدى معلمي و معلمات التربية الخاصة ـ ماهيته ، أسبابه ، علاجه ـ ، سلسلة إصدارات أكاديمية التربية الخاصة ، الرياض .
- الجمل ، نجاح . أثر الدراسة بكلية التربية بالجامعة الاردنية في اتجاهات طلابها نحو مهنة التعليم . دراسة : مجلة كلة التربية بجامعة الملك سعود ، المجلد الخامس ، 1983م ، ص 1ــ 26 .